لو أن تداعيات فشل مناقصة الخلوي ما تزال مستمرة، لما كان هنالك مشكلة في التمديد لشركتي الخلوي، اللتين ينتهي عقد تشغيلهما للقطاع غداً. وبالرغم من أن التمديد بحاجة إلى قرار من مجلس الوزراء، إلا أن التمديد التقني يبدو ممكناً، بحسب العقد الموقع مع الشركتين، وكذلك بحسب مبدأ «استمرارية المرفق العام»، الذي يسمح لوزارة الاتصالات بالتمديد لـ «زين» و «أوراسكوم» لفترة وجيزة، ريثما يجتمع مجلس الوزراء ويصدر القرار بشأن الملف، إن كان تمديداً أم استلاماً للقطاع من قبل الدولة.. إلى حين إجراء مناقصة جديدة.
القرار بيد وزير الاتصالات اليوم، فهو الذي سيكون مضطراً إلى حسم المسألة، بالتنسيق مع رئيس مجلس الوزراء. وهو نفسه أكد أن «القرار ما يزال قيد الدرس»، متوقعاً في حديثه لـ «السفير» أن يعلنه اليوم. ولا ينكر الوزير بطرس حرب أنه «لولا إفشال أوراسكوم لمناقصة الخلوي ومجاهرتها بذلك» لما كان قد تردد في التمديد للشركتين. لكنه أمام «المؤامرة التي هدفت إلى ضرب القطاع» يقف بين حلين: إما التمديد للشركتين لفترة وجيزة، أو أن يتحمل وزير الاتصالات مسؤولياته. وهذا لا يعني، بحسب حرب، أن تتسلم الوزارة القطاع، لأنه «لا يجوز أن تتسلم إدارة رسمية قطاعاً يحتاج إلى عمليات اقتصادية سريعة ومرونة في اتخاذ القرار، بعيداً عن البيروقراطية الرسمية». كما يذكّر حرب بأن القانون 431 يقود القطاع نحو الخصخصة، وبالتالي «لا يمكن أن نعود إلى الوراء من خلال طرح تأميم القطاع». ولذلك، يوضح أنه إذا لم يتخذ القرار بالتمديد، فإن الحل البديل سيكون «إشراف هيئة مالكي قطاع الخلوي على إدارة الشركتين».
في المقابل، يؤكد مصدر وزاري مطلع أن هذا الحل غير ممكن، لأن هيئة المالكين تصبح غير ذات صفة بمجرد انتهاء العقد، انطلاقاً من أن تشكيلها هو جزء من العقد الموقع مع الشركتين، وبالتالي فإن إنهاءه ينهي دورها تلقائياً. لذلك يرى المصدر أن الحل الأفضل، في ظل عدم اجتماع مجلس الوزراء، هو الالتزام بالعقد الموقع مع الشركتين، والذي يسمح لوزير الاتصالات، بالتنسيق مع رئيس الحكومة، بتمديد العقد لمدة ثلاثة أشهر.
يعتبر المصدر أنه لا يمكن للوزير أن يتفرد بالقرار المتعلق بقطاع حيوي وأساسي في لبنان، وعلى رئيس الحكومة أن يتحمّل مسؤوليته في هذا الصدد وأن يكون مسؤولاً عن القرار الذي سيتخذ. أما في ما يتعلق بمسألة إدارة الدولة للقطاع، فيؤكد أنها تناقض توجه مجلس الوزراء. وعليه، فهو يدعو إلى التقيد بما يتضمنه العقد إلى حين يبت مجلس الوزراء بالمناقصة التي فشلت «لعدم التزام الوزارة المعنية بدفتر الشروط الذي أقر في مجلس الوزراء».
وفيما كان قد تردد أن حرب سيفصل بين ملفي الشركتين بحيث يمدد لـ «زين» ويعاقب «أوراسكوم» بإلغاء عقد الإدارة معها، أكد الأخير أن القرار الذي سيتخذ يتعلق بالقطاع الخلوي عامة، من دون تمييز بين الشركتين.
أما مصادر «أوراسكوم» فما تزال تستغرب كيف يتهمها وزير الاتصالات بعرقلة المناقصة، فيما كان حقها الطبيعي أن لا تدخل بها، أسوة بما فعلت أكثر من شركة لم يحمّلها الوزير مسؤولية فشل المناقصة، بالرغم من أنه مدد فترة التقدم إلى المناقصة لأجلها لمدة شهر. ويسأل المصدر: من وجهة نظر اقتصادية، كيف يعقل لشركة ردد الوزير مراراً أنها غير مؤهلة للإدارة، وحاول أن يحرمها من حقها في التقدم إلى المناقصة، أن تدخل في مناقصة تضم ثلاث شركات، وستكون نتيجتها تلقائياً استبعادها؟
الجديد في هذه «المعركة» أن وزراء «حزب الله» و «التيار الوطني الحر» لم يعودوا وحدهم في الميدان، بل انضم إليهم وزراء «اللقاء الديموقراطي»، الذين يشنون منذ مدة حملة، سياسية ـ قضائية، ضد رئيس «أوجيرو» عبد المنعم يوسف، لم يسلم منها وزير الاتصالات أيضاً. فالنائب وليد جنبلاط يتخوف من أن يؤدي تملّك الدولة للقطاع إلى استلامه عملياً من قبل «هيئة أوجيرو»، خاصة أن الشغور في وزارة الاتصالات يصل إلى 70 بالمئة. ولذلك، سبق أن حذر جنبلاط من أن «ما يتم تداوله من حلول مفترضة في الأروقة والكواليس لا يشي بأيٍّ من الشفافية المطلوبة لإدارة هذا القطاع الحيوي». واعتبر أن «الخيار الأمثل لا يكون بتسليم القطاع لمستشارين ومقربين من هذا المرجع وذاك الوزير، من دون أيّ مسوّغ قانوني، ومن دون أيّ وضوح في آلية العمل وإدارة الشبكتين، بل بإجراء مناقصة جدية سريعاً تفتح المجال أمام منافسة حقيقية تشارك فيها أرقى الشركات العالمية المتخصصة، لتطوير القطاع ونقله إلى مستوى أفضل في الخدمات والأسعار».
وفيما رد حرب بأنه «ليس في حاجة إلى شهادات بالشفافية في عمله في أي موقع رسمي يتولاه»، مشيراً الى «عراقيل مفتعلة داخل مجلس الوزراء، تواصلت ولم تتوقف لغاية اليوم، ما أدى إلى إفشال المناقصة عمدا»، تؤكد المصادر الوزارية أن المطلوب لإنجاح المناقصة هذه المرة هو التزام وزير الاتصالات بقرار مجلس الوزراء المتعلق بدفتر الشروط.