الأدلة تتزايد على ان الكارثة الجوية في سيناء بيرل هاربور جديدة. الشرق الاوسط ساحة مستباحة للقتل. من يعدم على الارض يفجر في السماء. من يهدر دم شعوب وطوائف لا يتورّع عن الفتك بسياح. اذا ثبتت الجريمة، فمن المرتكب؟ “ولاية سيناء”، أم دولة اجنبية، أم جهاز استخبارات؟ والأهم من المستهدف؟ روسيا ام مصر؟
السيسي محرج. اذا صحت فرضية القنبلة انهار ما تبقى من هيبة الامن عماد دولته وفقدت مصر آخر مصدر لعيشها. الصراع مع “الاخوان” فك اللحمة الاجتماعية، الانتخابات النيابية همّشت الشرعية الشعبية لحكمه، وسقوط الطائرة سرق من حكومته أموالاً صعبة وستضطرها الحاجة الى رهن قراراتها لمانحي المساعدة الغارقين في النهم السياسي. اذا تجاهل الرد باعتبار أنه ليس هو المستهدف طمع المرتكبون بما هو اخطر، واذا قرر الحرب فمن يحارب؟ “داعش” الذي يمدّه الارهاب القابع بهناء في معاقله الآمنة في ليبيا والعائمة على بحر من السلاح؟ أم دولاً وأجهزة تتتربص ببلاده شراً مشابهًا لصندوق الشرور المفتوح في محيطه من الصحراء الكبرى الى السودان واليمن وسوريا؟
بوتين صامت، ينتظر اليقين قبل اتخاذ القرار. اذا صدقت التوقعات الجرمية، فان ماحصل في سيناء ليس كارثة طبيعية يمكن التعامل معها بهدوء وضبط أعصاب. ما حصل تحد كبير لشخصه أولاً، ثم لروسيا العظمى التي ينشدها. والقيصر لا يقبل ان يصفع أمام ناسه والجمهور وهو في ذروة عرضه لعضلاته على مسرح القوة العالمية. الصفعة التي تلقاها في أوكرانيا، كانت اقل اهانة له بالمعنى الرمزي وكان رده ابتلاع القرم ونصف اراضي جارته بالقوة. في سيناء، التحدي أكبر في اللحظة التي صنف فيها نفسه بطل العالم في مكافحة الارهاب. هو الآن أمام خيارين: أما الانسحاب من مستنقع يتمنى الكثيرون سقوطه فيه… وهو خيار غير متوقع من قيصر قبضاي مثله. وإما انهاء الصمت بموقف عاصف لن يكون ذا قيمة وعلى قدر التحدي، اذا اقتصر على “ولاية سيناء” وراعيها “داعش”. فهل تكون كارثة سيناء طائرة نقل لغزو اجنبي جديد للمنطقة التي لا تزال تغرق في أوحال الغزوات السابقة التي بلغت ذروتها بعد 11 أيلول؟
رد السيسي اذا حصل فان ميدانه سيكون مصر نفسها وستكون ارتداداته في المنطقة كلها. أما انتقام بوتين فلن يكون لا في الشيشان التي صارت عاصمتها غروزني أثراً بعد عين ولا في دول شمال القوقاز وآسيا الوسطى التي غادرها ارهابيّوها لممارسة متعة الجهاد في أراضي الجهاد، بل في هذه المنطقة نفسها التي تطاردها اللعنة من زمان بلا كلل أو ملل.