يكتسب عيد الجيش اللبناني طابعاً إستثنائياً هذا العام، حيث أن جملة متغيّرات سجّلت على المستويين السياسي، كما العسكري خلال الأشهر القليلة الماضية، وتحديداً منذ انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسة سعد الحريري. وعلى حجم الإنجازات التي تحقّقت تبدو التحدّيات المرتقبة أمام القيادة العسكرية، كما تقول مصادر وزارية مطّلعة على المناخ السائد في ضوء التحضيرات العسكرية الجارية لتحرير جرود رأس بعلبك والقاع من عناصر تنظيم «داعش».
وتكشف هذه المصادر، أن الحرب المقبلة التي يقودها الجيش اللبناني، وفي توقيت بالغ الحساسية والدقّة، لا تبدو منفصلة عن القرار الدولي والمحلي بطرد كل التنظيمات الإرهابية من كافة الأراضي اللبنانية، علماً أن حرب جرود عرسال شكّلت الترجمة الأولية لهذا التوجّه، والذي يتصل أيضاً بمنحى العمليات العسكرية التي لا تزال تدور في القلمون السورية، والتي تتّخذ أيضاً أبعاداً إقليمية، إضافة إلى البعد السوري الداخلي. ومن هنا، فإن سقوط المعادلة السابقة التي كانت تتحدّث عن دعم غربي، وبشكل خاص، أميركي للمعارضة السورية بعد إلغاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أي دعم لها منذ فترة وجيزة، إضافة إلى تراجع المطالبة بتغيير النظام السوري، قد طرح أمراً واقعاً جديداً تغيّرت فيه الأولويات، كما تقول المصادر الوزارية نفسها، والتي اعتبرت أن إدارة الصراع على الساحة السورية تبدّلت وباتت تركّز على عنوان واحد عريض يتمحور حول القضاء على كل الفصائل الإرهابية المتطرّفة، وفي مقدّمها تنظيم «داعش” قبل أي عنوان آخر، على أن يتم في وقت لاحق الإنتقال إلى صناعة التسوية السياسية المنتظرة.
لكن التسوية التي بدأت تطبّق في جرود عرسال، لن تنسحب بالضرورة على جرود رأس بعلبك والقاع، كما قالت المصادر الوزارية المطّلعة عينها، والتي أكدت أن ما من تفاوض مع الإرهابيين التكفيريين، لا سيما من قبل الجيش اللبناني أو السلطة السياسية المتمثّلة بالحكومة. وفي السياق نفسه، لفتت المصادر، إلى أن المؤشّرات الميدانية تؤكد أن تنظيم «داعش» الذي عمل ولا يزال يعمل على تعزيز مواقعه في التلال المقابلة لبلدتي القاع ورأس بعلبك، لن يستسلم بسهولة أو يلجأ إلى التعامل بإيجابية مع المفاوضات القائمة، إنما هو سيعمد إلى اللجوء إلى المواجهة العسكرية، وهو كان بدأ بعمليات قصف بشكل محدود لبعض المواقع المقابلة، وذلك بهدف إبلاغ رسالة إلى كل من يعنيهم الأمر في لبنان، كما في الخارج، بأنه سيقاتل حتى آخر رمق، وسيستخدم كل ما يمتلك من أسلحة ووسائل إرهاب في محاولة لتأخير عملية إخراجه من الأراضي اللبنانية الحدودية.
وبالتالي، تضيف المصادر الوزارية عينها، أن الجيش اللبناني هو اليوم أمام مهمتين أساسيتين على المستوى المباشر: الأولى تقوم على طرد تنظيم «داعش» من كل الأراضي اللبنانية إلى خارج الحدود. والثانية تقول بضرورة الإنتشار في منطقة عرسال وجرودها بعد انسحاب كل التنظيمات المسلّحة منها. وفي الوقت الذي بدأ فيه العدّ العكسي لتنفيذ المهمة الأولى، تكتمل عملية تنفيذ بنود الإتفاق الذي تم بين «حزب الله” وجبهة «النصرة”، على أن يجري في وقت قريب تفكيك مخيّمات النازحين السوريين في وادي حميّد، الأمر الذي سيؤدي إلى تخفيف الضغط على أعباء الجيش اللبناني، الذي يتولى حماية النازحين، كما عرسال، من أي إرهابيين محتملين يختبئون بين الأهالي، ويقومون بالتواصل مع إرهابيي «داعش» لتنفيذ عمليات إنتحارية بهدف إرباك الجيش وزرع الفوضى في القرى الحدودية.