Site icon IMLebanon

حردان في ولايته الثالثة: أتحمّل مسؤولياتي دائماً

بعد انتخابه لولاية ثالثة، خرج رئيس الحزب السوري القومي صمته الذي يشتهر به. القتال في سوريا يأخذ حيّزاً كبيراً من اهتمامه، لكن «المستقبل للحزب، وأنا لم أهرب من مسؤولياتي أبداً»

وسط إجراءات أمنية مشدّدة في محيط مركز الحزب السوري القومي الاجتماعي في الروشة، انتخب بعد ظهر أمس، أعضاء المجلس الأعلى الجديد الرئيس الحالي للحزب النائب أسعد حردان، رئيساً لولاية ثالثة.

وبحسب أحد أعضاء المجلس، فإن 12 عضواً من أصل 15 شاركوا في الجلسة (يضم المجلس 17 عضواً)، اقترعوا لمصلحة ولاية جديدة لحردان، بعدما غاب عضوا المجلس، الرئيس السابق للحزب جبران عريجي وأنطون خليل، اعتراضاً على تعديل الدستور، واقترع ثلاثة أعضاء بورقة بيضاء. فيما لم ينل المرشّح الوحيد في مقابل حردان، الرئيس السابق للحزب مسعد حجل، أياً من الأصوات. انتخاب حردان، يأتي بعد تعديل المجلس الأعلى (السلطة التشريعية) الأسبوع الماضي، احدى فقرات المادة الدستورية المتعلقة بانتخاب الرئيس، التي تجيز انتخاب الرئيس لدورتين متتاليتين فقط، مدة الواحدة أربع سنوات، ليجاز للرئيس الحالي الترشح لولاية رئاسية ثالثة، ولمرّة واحدة فقط.

في أحد مكاتب الرئاسة، بعيداً عن أعضاء المجلس الأعلى والمنفذين العامين (مسؤولي المناطق) المجتمعين في مكتبه الرئيسي بعد الانتخاب، يردّ حردان على اتصالات الشخصيات السياسية والأصدقاء الذين يتصلون تباعاً للتهنئة.

بالنسبة للقائد العسكري السابق في «منظّمة نسور الزوبعة»، «رئاسة الحزب وإدارة عمل القوميين مسؤولية كبيرة في هذه المرحلة الحرجة، ومذ كنت صغيراً ورفيقاً في الحزب، لم أهرب من تحمّل مسؤولياتي أبداً، ولن أهرب الآن».

يُوَصِّف حردان لـ«الأخبار» واقع المنطقة من لبنان إلى العراق وسوريا وفلسطين و«تكاتف الإرهابين التكفيري والاسرائيلي لتدمير الكيانات السورية». وينطلق منها للحديث عن الدور الذي على القوميين اداؤه الآن وفي المرحلة المقبلة: «نحن قوّة أساسية مهمتها مواجهة التفتيت والارهاب والاحتلال الاسرائيلي ومحاربة الإرادات الأجنبية والنهوض بواقع بلادنا، وهذا في صلب غاية الحزب والعقيدة القومية الاجتماعية».

والآن، إدارة الجسم العسكري الذي ينمو على الجبهات السورية ودخل إلى الميادين العراقية حديثاً، تحت اسم «نسور الزوبعة»، تأخذ حيّزاً كبيراً من اهتمام الحزب ورئيسه، فضلاً عن «الدور السياسي والاجتماعي في لبنان وسوريا والأردن».

يعود حردان إلى «المؤتمر القومي العام» الذي انعقد قبل حوالي 20 يوماً على الرغم من التحذيرات الأمنية والنصائح بالتأجيل، والذي على أساسه انتخب القوميون مجلسهم الأعلى، «كانت الانتخابات بمثابة استفتاء على استقرار الحزب ونهجه الصراعي، وهذا نهج حزبنا الصحيح والنبض الحقيقي للقوميين، الذين انتفضوا لمواجهة الهجمة التكفيرية والتفتيتية التي عصفت بالشام والعراق».

غير أن أصوات المعترضين على تعديل الدستور وإعادة الانتخاب، وصلت إلى مسامع رئيس «القومي». يقول حردان إنه اتصل «بعدد كبير من الرفقاء والأمناء الغائبين عن العمل الحزبي في الفترات الماضية، بعضهم عاد للعمل، وبعضهم كانت لديه حججه بعدم الالتحاق بالعمل من جديد، وأنا أقول الآن ان الحزب كان ولا يزال وسيبقى مفتوحاً للجميع». برأيه، هناك «غش كبير يحصل في ما خصّ تعديل الدستور، والبعض يوحي بأن هذه هي المرّة الأولى التي يجري فيها تعديل الدستور وهذا ليس صحيحاً. هناك وجهات نظر مختلفة حول التعديل، جيّد، مكانها الحزب والمجلس الأعلى والمحكمة الحزبية لا الإعلام، بمعزل عن أن عدداً كبيراً من المعترضين لم يعملوا في الحزب منذ سنوات طويلة». ويتابع: «نحن حزب وحركة سياسية صراعية، والدستور ليس العقيدة، والأحزاب الصراعية تعدّل دساتيرها بناءً على حاجتها والظروف السياسية والأمنية المتوافرة. في الثمانينات كانت مدة الولاية الرئاسية سنتين، لاحقاً عدّلها المجلس الأعلى إلى ثلاث سنوات، ثمّ إلى أربع».

قبل المؤتمر العام، أكّد حردان مراراً وتكراراً أمام حزبيين ومسؤولين ووسائل إعلامية انه لا يرغب بتولّي الرئاسة لولاية ثالثة، في ظلّ حديث سابق في أروقة الفريق المقرّب منه، عن ضرورة تعديل الدستور وإعادة انتخابه.

هل أردت التمديد ولم تعلن رغبتك؟ قطعاً لا، يجيب حردان. ثمّ يفنّد إجابته: «حتى يوم المؤتمر، كنت لا أزال أقول لأصحاب نظرية التمديد إنه من الأفضل أن نأتي برئيس جديد للحزب، لكنّنا وصلنا إلى المرحلة الحاسمة ولم يظهر أحد يريد الترشّح، ولا أعرف لماذا لم يُرد أحد أن يتحمل مسؤوليته. في النهاية، لن أترك الحزب من دون رئيس. حتى أولئك المعترضون، يقولون إنهم لا يريدون أسعد حردان رئيساً، ولا يترشحون ولا يرشّحون أحداً، أنا أقول إنهم يريدون أسعد حردان، لكن على طريقتهم وأن يأخذوا حصّة من دون تحمّل مسؤولية، وأنا لا أعمل بهذه الطريقة. أنا أعمل ما فيه مصلحة الحزب ومصلحة سوريا».

لكنّ حردان لا يخفي انزعاجه من «الثرثرات الإعلامية على مواقع التواصل الاجتماعي وفي بعض الإعلام المعادي أصلاً للحزب ولفريق المقاومة في لبنان»، ويسأل عمّا يريده هؤلاء، «إذا كانوا قوميين فعلاً، فهل يستقوون بالإعلام على حزبهم؟ الحزب مساحة ديموقراطية للاعتراض وهناك أطر دستورية موجودة، ولا أحد يسلبنا بالتشويه الإعلامي هذه الميزة».

كيف ترى مستقبل الحزب؟ وهل هناك من خطط لتطوير عمل الحزب وأدواته؟ «المستقبل للحزب، في كلّ الميادين، والأحداث أثبتت صوابية خياراتنا السياسية وقناعاتنا العقائدية. الحزب قوي ومنتشر لكنّه بحاجة لورش عمل على كلّ الصعد، من المفترض أن تبدأ في أقرب وقت. وأنا أدعو كلّ النخب من القوميين للانخراط في العمل الحزبي لتطوير العقل الإداري والأدوات الاعلامية، فالقوميون طاقات على مختلف الصعد». وماذا عن الإعلام؟ يجيب بأن «الإعلام بحاجة إلى ميزانية مالية كبيرة، وإمكاناتنا متواضعة، لكننا سنعمل في المرحلة المقبلة على تطوير العمل الإعلامي، وتأمين الموارد اللازمة لذلك».

ماذا عن الوحدة مع الحزب الذي يرأسه وزير المصالحة في سوريا علي حيدر؟ «إعلان النية بالوحدة صدر من الطرفين، ونحن بالنسبة إلينا لدينا القرار والإرادة والرغبة في الوحدة، وقد كُلفت بصفتي رئيساً من قبل المجلس الأعلى ومجلس العمد بمتابعة الملفّ في المرحلة الماضية، والعمل سيبدأ قريباً بين لجان مشتركة».

لا ينسى حردان الإشارة إلى تطوّرات الوضع في لبنان، ولا سيّما بعد أحداث القاع. وعلى الرغم من التحديات، يبدو حردان مطمئناً: «الإرهاب يستهدف الاستقرار في لبنان، لكن الأجهزة الأمنية قويّة وتطارد الشبكات، فضلاً عن دور قوى المقاومة في المواجهة والتمسّك بالمعادلة الثلاثية (جيش وشعب ومقاومة». لكنّه يرى أن «اهتزاز الاستقرار يولّد تفككاً، ومخطئ من يفكّر بالأمن الذاتي، فالقاع أو غيرها لا يمكن أن تكون كانتوناً، لا أحد يستطيع أن يصنع كانتوناً في لبنان».