Site icon IMLebanon

الحريري لن يبقى “شريكاً مساهماً” في التعطيل والحكومة تكون “متجانسة” أو لا تكون!

 

لا زيارة مرتقبة للخليلين الى “بيت الوسط”، ولا مستجدات ايجابية أصلاً ينقلانها الى الرئيس المكلف سعد الحريري. فسلبية الأجواء لم تعد بحاجة الى من يؤكدها، والآمال بإحداث خرق إيجابي تتلاشى انطلاقاً من تعاطي رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل وإصرارهما على الثلث المعطل وحصرية تسمية الوزراء المسيحيين.

 

أما الرئيس المكلف، وفق زوار بيت الوسط، “فأدى قسطه للعلى وبذل كل ما يمكنه لتسهيل مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، فرضي بحكومة من 24 وزيراً بعد ان كان يفضّلها من 18 وزيراً، وقبل بإجراء تبديلات في بعض الحقائب، ليكون رد باسيل تمسّكه بعدم منح الحكومة الثقة والإصرار على نيل حصة الثلث المعطل في الحكومة”. كل ذلك ولم نصل بعد الى “مرحلة تحديد الاسماء” لا سيما وأنّ الحريري ما زال مصرّاً على تشكيل حكومة “من وزراء اختصاصيين وغير حزبيين، يمكن الاستفادة من خبراتهم في معالجة الأزمة بمختلف جوانبها المالية وغير المالية”.

 

بات بحكم المؤكد، أنّ اعتذار الحريري رهن بما ستصل إليه مساعي بري الذي حتى اللحظة لم يعلن استنفاد كل خطواته بعد، ولذا يتمهّل الحريري في حسم اعتذاره مع رغبته بألّا يكون “شريكاً مساهماً في التعطيل أو شاهداً عليه”. من يزور بيت الوسط يتلمس “قلقاً بالغاً” يعيشه الحريري إزاء ما وصل إليه البلد من انهيار، بخلاف كل ما يقال حول قلقه على مستقبله السياسي ربطاً برئاسة الحكومة وما يتردد عن علاقته مع المملكة، لا سيما وأنّ الرجل لم يعد متوجّساً من خطوة الاعتذار والانطلاق نحو المعركة الانتخابية بالاستناد إلى ما يلمسه من واقع شعبي داعم.

 

على قاب قوسين او أدنى يبدو اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة. خيار يراه ضرورياً متى سُدّت كل منافذ التفاهم مع العهد العوني على التأليف، لكنه يريد ملاقاة رئيس المجلس النيابي حتى آخر الطريق مثمّناً وقفته إلى جانبه وإصراره على المساعدة لحلحلة العقد التي تعترض تشكيل الحكومة، والرئيس المكلف لا يتردد في وصف رئيس المجلس بـ”الرجل الوطني الوحيد الذي يعمل لأجل لبنان ومصلحته”، ولذا فهو عازم على ألّا يخذله، ولو كان آخر الكي الاعتذار، فهذا القرار لن يكون قبل ان يستنفد بري مساعيه. فالموضوع ليس مرهوناً بفترة زمنية محددة بقدر ما هو مرهون باستمرار المساعي التي قد تنتهي الى الايجابية، فمن يدري.

 

ماذا في حقيقة العقد وعلى ماذا الخلاف؟ سؤال جوابه متشعب وملخصه لا يقتصره الرئيس المكلف، بحسب ما ينقل الزوار، بعدم رغبة باسيل بتشكيل حكومة بل “في نيتهم الذهاب بالبلد الى مؤتمر تأسيسي بدليل رغبتهم في استمرار الفراغ”.

 

عند اعلان ترشيحه “الطبيعي” لرئاسة الحكومة، بدا وكأن الحريري يراهن على معطى معين لم يظهر بعد بدليل ما وصلنا إليه، لكن بالنسبة اليه كان يراهن على “الفرصة السانحة” استناداً الى المبادرة الفرنسية التي لو بقيت على وهجها لكانت سرّعت عملية تشكيل الحكومة وإنقاذ البلد. أما اليوم، فتغيّرت المعطيات والجانب الفرنسي ذهب باتجاه تقديم تنازلات مجانية للفريق المعرقل أثّرت على مبادرته سلباً. عاكست المجريات نوايا الحريري الذي “تغيّر كثيراً” بعد السابع عشر من تشرين، ولم يعد مستعداً للعودة الى صفحة الماضي. المقصود هنا تحديداً التسوية الرئاسية التي لا يزال الحريري يشدد على أنها “جرت مع ميشال عون وليس مع جبران باسيل”، وبعد أن أفرغها الأخير من مضمونها بات لزاماً على الحريري أن يخرج منها وألا يعيد الكرّة مجدداً.

 

لاجل ذلك وكي لا يبقى البلد رهينة إشكالية باسيل مع الحريري، لم يعد الرئيس المكلف يستبعد خيار الاعتذار لأنه بات على يقين بأنّ باسيل لم ولن يتغير، وكان قد اختبر ذلك عند آخر جلسة للحكومة عشية استقالة الحكومة، حيث كان يتقصد باسيل التصرّف كما لو أنّ شيئاً لم يتغير بعد ثورة 17 تشرين. فما الجدوى من تكرار تجربة محكومة بالفشل مجدداً بدليل ان باسيل اليوم على خصومة مع الجميع ويريد ان يهندس حكومة تتناسب وحساباته السياسية.

 

رغم ذلك، وأكثر من أي وقت مضى، يصرّ الحريري وفق ما ينقل زواره، على تشكيل حكومة مؤلفة من “فريق عمل متجانس ومنسجم يمكن التفاهم معه والاتكال عليه في ادارة البلد ومعالجة أزماته”، وينفي أن يكون تعاطى مع الثنائي الشيعي خلافاً لما تعاطى مع الآخرين في تشكيل الحكومة، بل يؤكد أنّ “حزب الله” وحتى الرئيس بري تركا له اختيار اسماء الوزراء الشيعة، بدليل تأكيد الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله نفسه في أحد خطاباته أنه حين يوقع الحريري وعون على أي تشكيلة وزارية، “سنكون حكماً الى جانبه”.

 

لا يقارب الحريري مسألة مستقبله السياسي ربطاً برئاسته للحكومة، وتقديراته تؤشر الى ارتفاع شعبيته لا العكس، ولذا فهو يذهب الى الانتخابات النيابية مطمئناً من دون الحاجة حتى للعب دور المعارضة. يلاقي بري في اعتبار ان العقبات امام تشكيل الحكومة داخلية، ولو توافرت النوايا الصادقة لتشكلت الحكومة، مع تلمّس زواره عتباً على “حزب الله”، الذي لو أراد فعلاً تسهيل عملية التأليف لتمكن من الضغط على باسيل لوقف العرقلة، لكن من الواضح أن لا رغبة لدى “حزب الله” بتشكيل الحكومة بانتظار استحقاقات إقليمية.

 

أما لناحية الربط بين تشكيله الحكومة وعلاقته مع المملكة السعودية، فينقل الزوار أن: “مشكلة السعودية هي مع دور “حزب الله” في لبنان وليس مع سعد الحريري، وطريقة تعاطي السعودية مع الدولة اللبنانية تغيّرت جذرياً بعد سقوط دم سعودي على أيدي الحوثيين بدعم من “حزب الله”، وطالما أنّ لبنان محكوم بسلاح “حزب الله” ليس ثمة خلاص لأزماته الداخلية والخارجية”.