التوافد الشعبي بذكرى الاستشهاد… مبايعة متجددة لزعامة الحريري
عكس مشهد التوافد الشعبي والعفوي الحاشد من كل المناطق اللبنانية، في احياء ذكرى استشهاد الرئيس رفيق الحريري منذ ايام، انطباعا مغايرا، لتوقعات واماني، خصوم زعيم تيار المستقبل سعد الحريري التقليديين، وحلفائه السابقين والطامحين الجدد والقدامى لوارثته بزعامة السنّة في لبنان، بعد ان اعلن عزوفه عن الترشح للانتخابات النيابية وتعليق عمله السياسي.
كانت الرسالة واضحة للخصوم الشامتين، او المتربصين لغياب الرئيس الحريري عن الاستحقاق الانتخابي، بأن هذا الغياب، لن يمكنّهم من الاستهانة، وتجاوز زعامة الحريري السياسية والشعبية، ولو كان خارج السلطة، او كما هي حاله بتعليق عمله السياسي.
الرسالة كانت واضحة وهي مفصل في مسار المقايضات والتطورات
اما للحلفاء القدامى المربكين بعزوف الحريري، فالانطباع الذي تكون لديهم، انه يصعب عليهم استمالة جمهور تيار المستقبل بالانتخابات النيابية، بوعود ظرفية من هنا، او بشعارات جوفاء، تحت عناوين الحفاظ على السيادة والاستقلال، ورفض سلاح حزب الله، في ظل غياب زعيمه عن المشاركة فيها، ترشيحا او اقتراعا، بعد ان اظهرت ممارسات وسلوكيات، معظم هؤلاء الحلفاء، استغلال التحالفات الانتخابية مع تيار المستقبل موسميا، لتأمين الفوز لمرشحيهم بمناطق نفوذ التيار، وبعدها التملص من موجبات هذا التحالف سياسيا، او التموضع في مواقع وسياسات تصب في مصلحة الخصوم، كما حصل بالسنوات الاخيرة.
ولعل من مؤشرات مشهد الالتفاف الشعبي بهذه الذكرى الحزينة والمؤلمة على هذا النحو، لدى جمهور التيار ومؤيديه، اكثر من رسالة مباشرة، لكل الطامحين الجدد لمزاحمة الرئيس سعد على موقع الزعامة السنيّة، وخصوصا شقيقه بهاء، برفضهم مبايعته للحلول مكان شقيقه، والتأكيد له باستمرار الالتفاف والتشبث بزعامة سعد الحريري، اكثر من اي وقت مضى. بينما كانت الرسائل والاشارات مماثلة، لكل الذين تسلقوا على اكتاف التيار، بالنيابة او بالوزارة واستفادوا من هذا التأييد ماديا ومعنويا، في العاصمة وخارجها، وانكروا ماحصلوا عليه، ويحاولون الاستفادة مجددا بهذا التأييد، جزئيا اوكليا، تحت مسميات وتوصيفات مزيفة ومرفوضة، وابلاغهم بانهم غير مرغوب فيهم، ولن يحصلوا على هذا التأييد، حتى ولو كان الحريري عازفا عن الترشح، كما هي حاله، في هذه المرحلة.
صورة التوافد الشعبي لمؤيدي الرئيس سعد الحريري، لهذا العام، خلافا لما كان يحصل بالإعوام الاخيرة، خالفت توقعات الوسط السياسي، على اختلافه، واسقطت رهانات، كل الذين كانوا يتسابقون، لانتزاع حصص من هذا التأييد بصناديق الاقتراع لصالحهم، منتهزين الظرف الاستثنائي الذي دفع زعيم تيار المستقبل سعد الحريري على تعليق عمله السياسي والعزوف عن الترشح للانتخابات النيابية.
المشهد الشعبي المؤيد للحريري هذا، هو الاول من نوعه منذ سنوات، اتى بعد استقالة حكومته بفعل انتفاضة المواطنين العارمة في تشرين الاول عام ٢٠١٩، وبعد اعتذاره عن تشكيل الحكومة في الربيع الماضي، وغداة اعلانه تعليق عمله السياسي، وهذا يعني في الخلاصة، التشبث بتاييده بسدة الزعامة، وتأكيد الالتفاف حوله، والرفض الضمني لموقفه الاخير والمطالبة بالبقاء في خضم العمل السياسي.
ad
ما حدث شكل استفتاء شعبيا ملموسا لزعامة سعد الحريري، وتجديدا لمبايعته في مواجهة كل المراهنين على سقوط زعامته، وانتهاء مرحلة الحريري السياسية، وفي المقابل رتب اعباء وتحديات عليه شخصيا، لا بد أن ياخذها بعين الاعتبار، وهي عدم تجاهل هذا الواقع الذي يستدعي اعادة النظر بموقفه بتعليق عمله السياسي، ولو احتاج هذا لفترة من الوقت، ريثما يتبين الخيط الأبيض من الخيط الاسود، في مسار التطورات والمقايضات المحلية والاقليمية والدولية المتعلقة بلبنان.