Site icon IMLebanon

خذوا الخطيب … استعدنا الحريري

 

 

منذ تجرّع سمّ التسوية لم يرحم سياديون الرئيس سعد الحريري، فقد شعروا بالخسارة بعد سنتين ونصف السنة من التعطيل المفتعل من “حزب الله” لفرض أجندته. غالبية القوى السياسية ركبت قطار نقل العماد ميشال عون الى قصر بعبدا لتولي رئاسة الجمهورية، ومن لم يركبه زعم أنه ضد التسوية فيما الحقيقة أنه لم يحصل على تذكرة ركوب مقصورة تقاسم الدولة والمحاصصة. ومن ترك في أول الطريق لم يغادر القطار إلا لأنه أدرك أن “التيار الوطني الحر” يريد أن “يلهط” الحصص المسيحية بأكملها. وعند كل محطة يبدأ المغادرون برشق الحجارة على قطار التسوية.

 

غادرت “القوات” بعدما غُدر بها بوقاحة غير مسبوقة، على يد الوزير جبران باسيل الذي خالف اتفاقاً وقّع عليه بقلمه لايصال عمه إلى الرئاسة، ليتضح أنه يوقّع على اوراق الغدر بمن أعطى عون الشرعية المسيحية بالوصول.

 

إلتحق “التقدمي الاشتراكي” بـ”القوات” بعدما نجح باسيل في إعادة الانقسام إلى الجبل. فما عجز عن القيام به “حزب الله” في 7 ايار بجذب الحزب الإرسلاني لمصلحته لمواجهة الجنبلاطيين نجح به باسيل بسياسة نبش القبور. فخرج النائب السابق وليد جنبلاط من القطار بعدما تلقّى كل انواع الحصار بدءاً من قانون الانتخاب مروراً بتشكيل الحكومة السابقة وصولاً إلى حادثة قبرشمون.

 

أكمل الحريري الطريق وحده ظناً منه أن “ما بصحّ الا الصحيح” وأن عون سيدرك أهمية التوازن في السياسة الداخلية والخارجية وأن رمي لبنان في الحضن الإيراني لن يجلب إلا الويلات على لبنان. كان مبرر الحريري لمشاركته في التسوية هو التضحية لانقاذ البلد وعدم دفعه الى فتنة سنية – شيعية في ذروة مواجهة الارهاب، وفي مرحلة لم يترك فيها النظام السوري وإيران سلاحاً إلا واستخدماه لقتل السوريين المعارضين في سوريا.

 

خسر الحريري الكثير من علاقاته الداخلية والخارجية بسبب التسوية، تخلخلت قواعد “تيار المستقبل”، وصل الجمهور السنيّ الى مرحلة النطق بالاحباط. لاموا الحريري على ما فعل، ومنهم من عاقبه في الانتخابات النيابية، لكن في المقابل كان الحريري يعتبر أن أمن لبنان هو الانجاز الحقيقي.

 

في منتصف الطريق وبعدما كثرت محطات العرقلة وعدم تلبية حاجات البلد، وبعدما خرج القطار عن سكته بسبب التجاوزات الدستورية والحديث الطائفي والمزايدات غير المجدية واستهداف “الطائف”، وبعد تحويل لبنان إلى صندوق بريد لمصلحة إيران، لم يعد بمقدور الحريري الاستمرار.

 

كان شركاؤه ينتظرونه للخروج من “قطار الخطيئة” الذي نقل البلاد الى حضن العقوبات ومستنقع تغيير الهوية العربية. نزل الحريري بطلب من الشعب، ترك كرسيه ولم يستح في ذلك… إنتظرناه طوال ثلاث سنوات في المحطة، لا بل انتظرناه أن يدمّر التسوية و”الخط الأحمر” بالاستقالة من الحكومة… وفعلها!

 

يُقال بين عارفي الحريري أن الرجل في غريزته لا يمكن ان يكون ديكتاتورياً… وهو من واكب ثورات العالم العربي وأول من طالب بشار الاسد بالرحيل، فكيف يمكن لرجل دعم الثورة السورية سياسياً وانسانياً ومادياً أن يتمسك بكرسيه مثلما فعل الأسد؟ لم تسقط نقطة دم واحدة قبل استقالة الحريري فيما سقطت 400 ضحية في العراق قبل استقالة حكومته “الإيرانية”.

 

نزل الحريري من القطار وشظايا انفجار التسوية تلاحقه، ولإتمام المرحلة الأخيرة من الخروج من محطة القطار بأكملها، لا بد من تشكيل حكومة جديدة تنهي صفة “رئيس حكومة تصريف الأعمال”، وإذا كان المهندس سمير الخطيب أشبه بـ”كارت” الخروج، فليكن، ففي النهاية الرأي هو للثورة وللبنانيين ولم يعد بيد القوى السياسية وغير السياسية.

 

حكومة تكنو – سياسية لن تكون الحل وإذا كان الخطيب موافقاً على ترؤّسها فخذوه لأننا استعدنا الحريري إلى ساحة الحرية والسيادة والاستقلال، ساحة “محسوبكم سعد”، فللشعب مستقبله ولا بد أن يصل قطار بناء الدولة رقم “17 تشرين”.