سقوط الغطاء السنّي والسياسي للخطيب يعيد الأمور الى النقطة صفر
تترقب الاوساط السياسية والشعبية ما يمكن ان يكون قد تبدّل بين ليل امس وصباح اليوم في مواقف الكتل النيابية لجهة تسمية رئيس مكلف لتشكيل الحكومة الجديدة لو حصلت الاستشارات النيابية اليوم، بعد الضبابية التي احاطت بتسمية المهندس سمير الخطيب، وصولا الى اعلانه من دار الفتوى ومن بيت الوسط امس، اعتذاره عن قبول التكليف لأن لا غطاء سنّياً له، ولو إن الرئيس سعد الحريري كان حتى قبل يومين لا زال يؤكد انه سيقترح خلال الاستشارات النيابية اليوم اسم الخطيب لترؤس الحكومة الجديدة، وترددت معلومات انه التقاه مساء امس الاول السبت. لكن ثمة تطورات حصلت وتسريبات تم تمريرها تفيد ان «التيار الوطني الحر» قد لا يسمّي الخطيب، بسبب خلافه مع الحريري على تشكيلة الحكومة، ما يعني خلافاً ايضا مع الخطيب على شكل الحكومة وتوزيع الحقائب. كما تفيد ان هناك اراء مختلفة داخل «تكتل لبنان القوي» من تسمية الخطيب او سواه.
وبانتظار ان تتضح طبيعة مواقف الكتل، لاسيما كتلة «المستقبل وكتلة «التيار الحر»، ظهرت مواقف كثيرة خلال اليومين الماضيين من نواب مستقلين كميشال معوض وشامل روكز تفيد بعدم تسمية الخطيب، فيما المح نائبا «تكتل لبنان القوي» الان عون وسيمون ابي رميا الى توجه او احتمال لعدم تسمية الخطيب. كما اثار مزيدا من البلبلة كلام القيادي في «تيار المستقبل» النائب السابق الدكتور مصطفى علوش، «ان الرئيس الحريري قد يتراجع عن تزكية ترشيح الخطيب لأسباب تتعلق بما وصفه وجود قطبة مخفية لدى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل».
هذه الضبابية حول التكليف ومن ثم التأليف، مع ضغط الشارع المنتفض على الطبقة السياسية كلها، دفعت الى تكهنات وتحليلات بسقوط اسم الخطيب، لا سيما مع استمرار ثنائي «امل وحزب الله» -او على الاقل كتلة الرئيس نبيه بري – بتفضيل تكليف الحريري. اضافة الى ان الاسماء الاخرى المطروحة كالنائب فؤاد مخزومي ليست جدية بالقدر الكافي، حيث تفيد مصادرمطلعة ان اي اتصال لم يحصل مع مخزومي بخصوص ترشيحه، وان ترداد اسمه سببه محاولة حرق اسمه سلفاً قبل ان يصبح جدياً اسما بديلا مقبولاً، كما ان التسويات السياسية والحكومية الجارية لا تعني مخزومي لأنه كان بعيد عنها أصلاً وليس طرفا اوشريكاً فيها، وهومؤيد للحراك الشعبي ويتبنى معظم مطالبه، وإن كان عضو «تكتل لبنان القوي» سابقاً النائب نعمت افرام قد اعلن امس انه سيسمّي مخزومي او نواف سلام.
وتقول المصادر المتابعة للاتصالات، ان اصابع الاتهام تتوجه الى الحريري نفسه بحرق كل الاسماء، لأنه أولاً يريد العودة الى رئاسة الحكومة لكن بشروطه وبطريقة مختلفة عن السابق لتشكيل الحكومة، بهدف استرضاء الشارع من جهة، ولأنه يعلم ان احداً سواه لا يستطيع الاقلاع بحكومة تنقذ الوضع الاقتصادي والمالي، ولهذا بادر الى الاتصال بعدد من الدول الشقيقة والصديقة طالبا الدعم بفتح اعتمادات مالية لاستيراد المواد الغذائية الاستهلاكية والضرورية، ليظهر بأنه الوحيد القادرعلى معالجة الازمة النقدية.
وفي كل الاحوال، بات من الصعب ان تعود الامور الى الوراء، بل ان الحريري بات الوحيد في الساحة الذي يحظى بالغطاء الطائفي والدعم السياسي، لكن المشكلة في ان تكليف الحريري يعني ان ازمة التأليف ستعود الى النقطة صفر، اي حكومة تكنوقراط غير مطعمة بسياسيين، وان يعود الحريري فيعود جبران باسيل؟ او يقبل الحريري بحكومة تكنوقراط مطعّمة بسياسيين، وليس حكومة سياسيين مطعمة بتكنوقراط. وهذا يعني احتمال من اثنين: اما يحصل تكليف للحريري ويتعذر او يتأخر التأليف نتيجة الخلاف على تشكيل الحكومة، او لا يحصل تكليف الحريري بل شخصية اخرى غيره، وهذا يعني انه اياً كان المكلف سيعيد تجربة الرئيس نجيب ميقاتي بعدم وجود غطاء سني وسياسي واسع له، ومع ذلك استمرت حكومته قرابة سنة ونصف السنة.
وثمة من يذهب للتشاؤم اكثر ليقول: ان الازمة طويلة وقد لايخرج منها لبنان قريبا فيالمدى المنظور، مايعني دخول البلاد في الفراغ القاتل.