Site icon IMLebanon

هل يفعلها الحريري… ويتزنّر بـ«حزام التسوية»؟

بعيداً من القيل والقال، الاستنتاج والاستنساب، ثمّة وقائع أصبحت واضحة بالجرم والحقائق.

فالمرحلة تخطّت قرار «التيار الوطني الحر» الانطلاق نحو التصفيات النهائية، والمعلومات تجاوزت التسريبات وتردّد الرئيس سعد الحريري، وبات الجميع أمام «تسوية عون – الحريري».

الحديث الدائر حالياً أصبح متقدّماً جداً، إذا سمّى الحريري عون ما هي المكاسب والخسائر؟ كيف تُحتسب ومن يُحدّد سقف التنازلات؟ مَن هي الجهة الضامنة للاتفاق وكيف سيُقنع الحريري كتلته وحلفاءه بمساكنة يفرضها «بيت الطاعة»؟

ماذا سيقدّم الحريري إلى رافضي تسمية عون ونهج حكمه، وخصوصاً مثلث فرنجية- برّي- جنبلاط وأيّ رزمة تفاهمات سيتمّ التوافق عليها وفي مقدّمها توزيع حصص القوى السياسية والحقائب الوزارية وقانون الانتخاب؟

وهل إنّ وصول عون الى الرئاسة سيعطي «التيار الوطني الحر» صك بعبدا؟ أما الوريث رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع فهو الأحقّ في مرحلة ما بعد عون والخياران مُقلقان عند قوى أساسية في البلد.

وهذا ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه برّي الى القول فور تلقّفه الرسالة بحنكته المعروفة: «لا سلّة… لا رئيس».

الحريري يدرك أنه لا يستطيع الدخول في معركة تسمية عون وظهره مكشوف، وهو العارف بقوة ترسانة «حزب الله» غير الحليف وغير حليف الحليف السياسية.

فالتحالف معه لن يتعدّى سقف الهدنة الهشة واستمرارية حوار عين التينة لضمان استقرار الشارع.

أما قواعد الاشتباك معه فلا تميل لمصلحته وهي رهن الاشتباك الأكبر بين إيران والمملكة العربية السعودية، وعليه فإنّ مبادرة مقربين من الحريري دونها عقبات كبيرة لكنها ليست مستحيلة. فالزعيم السنّي يخسر كثيراً ولم يعد أمامه سوى القبول بـ»التسوية المرة» بعد إشارات برتقالية قوية وصلته من مرصد الرابية بأنّ عودته لن تكون إلّا على يد «الميثاقيين الجدد».

الرياض لم تُظهر اهتماماً بميول الحريري وثمّة مَن يعتبر أنّ جسّ نبضها لم يسجّل لا دقات سريعة ولا هبوطاً في الضغط لكن ليس هذا هو واقع الحال. فورقة لبنان على عكس ما يُشاع وهي تحسبها من كلّ الجهات ولا يعتقدنّ أحد، لا في اليقظة، ولا في الحلم، أنّ قرار الحريري سيكون بمعزل عن حاضنته على رغم كلّ الالتباسات التي تشوب العلاقة بينهما.

تقول مصادر مواكبة للمشاورات لـ«الجمهورية» إنّ توجّه الحريري الى ترشيح عون وانتخابه هو «توجّه جدي» لكنه تحوّل دونه ثلاث عقبات:

الاولى: صعوبة تسويق عون داخل تيار «المستقبل» وكتلة الحريري النيابية وهو تبلّغ رسائل من صقور وحمائم داخل تياره ومن حلفائه انهم يفضلون ترك الحرّية لهم وأنهم ربما يضطرون الى مغادرة الكتلة اذا أقدم الحريري على هذه الخطوة وأجبرهم على تبنّي خياره.

الثانية: الشكوك القوية التي تدور حول نجاح تجربة الحريري مع عون والوزير جبران باسيل، فمَن قال إنه اذا وصل الى رئاسة الحكومة يعني أنه سيستطيع أن يحكم ولن يصطدم بجدار التعطيل والهيمنة الذي ينتهجه «التيار الوطني الحر» في مسار سياسته وأدائه وهذا محطّ نقاش كبير وعميق داخل «المستقبل».

الثالثة، أنّ الحريري سيواجه كتلة مسيحية هي الأقوى في الشارع المسيحي (تحالف عون – جعجع) بجبهة ضعيفة. وحلفاء الحريري المسلمون لن يساندوه ولن يقدموا له الدعم، كما أنه لن يستطيع تقديم «حزب الله» لجمهوره على أنه الطرف الشيعي الذي يسير معه في التسوية لأنّ عون لن يقدّم له الغطاء الشيعي عبر «حزب الله» الخصم اللدود.

فبالنسبة إلى الشارع السنّي، عون و»حزب الله» في الكفة نفسها والنقمة عليهما لا تتجزّأ، ومن الصعب أن يمحوها موقع هنا أو حقيبة هناك.

ولا ننسى أنّ زعيم تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية الذي تحوّل صديقاً شخصياً له، ربما يَكون الحلقة الأضعف أو الأسهل لكنه بالتأكيد له صوته وحضوره وتأثيره.

وبناءً عليه، فإنّ مهمة الحريري في الايام المقبلة ستكون صعبة حتى لا نقول مستحيلة، لأن لا شيء مستحيلاً في السياسة. ولماذا الاستعجال إذا لم تُحسب الخطوات جيداً تقول المصادر، فأن لا تأتي برئيس خير من أن تقع في فخ الرئيس، ومَن انتظر سنتين ونصف السنة لن يغصّ بأشهر قليلة. هامش المناورة مفتوح ويعزوه غياب «كلمة السر» الخارجية و«يلّي اوله شرط آخره نور».

علماً أنّ عون يتلقى نصائح عدة بأن يبادر الى إرسال اشارات ودّية في اتجاه بري وأن يوقف الحملات عليه داخل صالوناته والكف عن وصفه ومَن حوله بنعوت لا تصلح في الود.

قيل للحريري في أحد النقاشات «إذا انتخبت عون مقابل ضمانات برئاسة الحكومة 6 سنوات، هل أنت واثق من أنك ستحكم؟ هذا عون يا سعد ومَن جرّب مجرب…».

باسيل قال منذ يومين من الرابية: «سنتصدّى لكلّ مَن يريد تخريب البلد وتعطيل الشراكة بكلّ ما نملك من قوة حتى الشهادة». فهل يفعلها الحريري… ويتزنّر بـ«حزام التسوية»؟