«أين الجيش؟» سؤال طرحه الرئيس سعد الحريري في معرض تعليقه على ما جرى في شارع الحمراء، وهو سؤال يستبطن عتباً على المؤسسة العسكرية يلامس حدود اتهامها بالتقصير والتقاعس. ولكن كيف تنظر القيادة في اليرزة الى مجريات ليلة الكرّ والفرّ في منطقة الحمراء؟ وأين كان الجيش آنذاك؟
يؤكد مصدر رفيع المستوى في الجيش لـ«الجمهورية» انّ المؤسسة العسكرية «لم ولن تتقاعس بتاتاً عن تأدية واجبها الوطني في حماية السلم الأهلي والمحافظة على الاستقرار الداخلي».
ويلفت المصدر الى أنّ عناصر «مكافحة الشغب» و«القوة الضاربة» في قوى الامن الداخلي هم الذين اخذوا على عاتقهم مهمة حفظ الامن في شارع الحمراء امس الاول، ولم يطلبوا أيّ مؤازرة من الجيش الذي كان مستعدّاً للتدخل لو طلبت منه قوى الأمن ذلك.
ويوضح المصدر انّ «الامن الداخلي» تولى المسؤولية الميدانية في محيط مصرف لبنان منذ اللحظات الاولى لبدء التجمع والتظاهر أمام المصرف المركزي أمس الاول، «وعندما تصاعدت حدّة الموقف واشتدّ التوتر في شارع الحمراء على وقع أعمال الشغب، استمرّت قوى الأمن في الإمساك بزمام الامور وواصلت المهمة التي كانت قد باشرتها أصلاً ولم تطلب الدعم منا».
ويشير المصدر العسكري الى أنّه «حصل سابقاً ان طلبت قوى الامن مؤازرة من الجيش لإحكام السيطرة على الوضع عند جسر «الرينغ» حين دارت مواجهات عنيفة هناك قبل مدّة، فاستجاب الجيش وتدخل على الارض للمساهمة في ضبط الوضع».
وينفي المصدر الرفيع المستوى في المؤسسة العسكرية وجود أيّ خلفيات او ابعاد لعدم نزول الجيش الى شارع الحمراء، لافتاً الى انّه «ليس جائزاً في العلم العسكري أن نبادر الى إقحام انفسنا في إحداث تلك المنطقة، من دون أن يكون هناك طلب في هذا الصدد من قوى الامن، «وبالتالي نحن لا نستطيع ان نتدخل اذا كانت جهة رسمية أُخرى هي التي تتولى تنفيذ مهمة محددة على الارض، وذلك حتى لا نشوش أو نخربط عليها». ويضيف: «شو كان لازم نعمل في شارع الحمراء، هل كان المطلوب أن نقول لقوى الأمن الداخلي «زيحوا»؟».
ويؤكد المصدر «ان الجيش يؤدّي تلقائياً واجباته ضمن بقع انتشاره «وهو كان يجهد لفتح الطرق في عدد من المناطق التي تنتشر فيها وحداته، اثناء وقوع الاحداث في شارع الحمراء».
ويشدّد على «انّ القرار الذي سبق للجيش ان اتخذه تطبيقاً للقانون بمنع قطع الطرق لا يزال ساري المفعول، ونحن سنبقى ملتزمين بمعادلة حماية حق التظاهر والتجمع من جهة، وحظر قطع الطرق والاعتداء على حقوق الآخرين من جهة أُخرى».
ويرفض المصدر محاولة البعض تحويل المؤسسة العسكرية «فشة خلق»، مستغرباً الاتهامات الظالمة التي توجه اليها، ومشيراً الى «انّ العسكريين هم الذين يتعرضون في كثير من الاحيان لعنف مادي أو لفظي على يد بعض المتظاهرين، خلال العمل على حماية حرية التنقل».
ويؤكد المصدر «ان الجيش حريص على المتظاهرين اكثر من حرصهم على انفسهم، وان كان يضطر في بعض الاوقات الى استخدام الشدة أو الحزم لفتح الطرق».
ويقول: «القاعدة الاساسية بالنسبة الينا هي ضرورة عدم الانجرار الى استعمال العنف حتى ضدّ قاطعي الطرق ولكن بعض الظروف الميدانية القاهرة قد تفرض أحياناً استثناء غير مقصود لهذه القاعدة».
ويعتبر المصدر «انّ الاعتراض على سلوك الجيش من هذه الجهة تارة ومن تلك الجهة طوراً هو اكبر دليل على موضوعيته وحياديته وعدم انحيازه الى طرف على حساب آخر»، لافتاً الى «انّ الجيش يقف على مسافة واحدة من الجميع، وهمه الوحيد في هذه المرحلة هو تأمين حماية حقوق جميع اللبنانيين، سواء الذين يتنقلون على الطرق او أولئك الذين يتظاهرون».