لم يَدَع رئيس الحكومة السابق رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري الذكرى 15 لاستشهاد والده رفيق الحريري، تمرّ من دون رفع الصوت عالياً مطالباً بالتغيير الشامل، بدءاً من بيته وبيئته الحزبية والطائفية، وصولاً إلى العناوين الوطنية والسياسية المطروحة كتحديات وجودية على الساحة الداخلية، وليس فقط على الساحة «المستقبلية. وفي هذا المجال، يقول مصدر نيابي مواكب للتحوّلات على الساحة السياسية بعد استقالة الرئيس الحريري على أثر انتفاضة 17 تشرين الأول الماضي، أن رئيس «التيار الأزرق» يقف على مفترق طرق على كل المستويات السياسية والحزبية، وهو ما برز من خلال أقسام خطابه في ذكرى 14 شباط، بحيث رسم خارطة طريق جديدة لتيار «المستقبل» أولاً، ولتموضعه السياسي المستقبلي مع باقي الأفرقاء إن لجهة الخصوم أو الحلفاء ثانياً، وللنفضة المرتقبة داخل تياره ثالثاً.
لكن هذا المسار التصعيدي الذي طبع الإطلالة الحريرية، يتابع المصدر النيابي، لم يقفل الأبواب المغلقة في وجهه من قبل «التيار الوطني الحر» في الدرجة الأولى، وإن كان الرئيس الحريري، أبقى سقف التصعيد ثابتاً وتحت عنوان «رفض الفتنة» والدفاع عن الإستقرار، فهو اتجه نحو خطاب جديد للمرة الأولى في اتجاه شارعه، بحيث سمّى أهل السنّة وتطرّق إلى موجة الإستياء التي سُجّلت على مدى السنوات الماضية على التسوية الرئاسية، معلناً بشكل رسمي سقوطها، وفاتحاً الحرب صراحة ومباشرة مع «رئيس الظلّ» غامزاً من قناة رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير السابق جبران باسيل، على اعتبار أن الرئيس الحريري، ما زال على علاقة جيدة مع حركة «أمل» و«حزب الله»، إذ كان يردّد أمام زوّاره في الآونة الأخيرة، أن «الثنائي الشيعي» كان أقرب إليه وأصدق من بعض حلفائه. كذلك عبّر الحريري، عن متانة علاقته مع زعيم المختارة، انطلاقاً من قناعته بأن زعيم المختارة هو دائماً إلى جانبه مهما سُجّل من تباين في بعض المواقف.
وعلى خط العلاقة مع «القوات اللبنانية»، يقول المصدر نفسه ان خط التواصل لم ينقطع بحيث ذكّر الحريري بوقوفه الى جانب توزير «القوات» ودفاعه عنها في وجه محاولات إلغائها ومنعها مع «الحزب التقدمي الاشتراكي» من المشاركة في الحكومة، كما أنه يعتبر أن «القوات» كانت إلى جانبه في الأيام الصعبة، وبالتالي، فهو فتح الباب أمام تسوية بعض الأمور العالقة مع حزب «القوات»، سيما أن ما يجمعهما من عناوين أساسية يجعل العلاقة بين معراب وبيت الوسط ثابتة.
أما بالنسبة لتيار «المستقبل»، فقد كشف المصدر النيابي نفسه، أن صفحة جديدة قد فتحت منذ لحظة مغادرة الحريري إلى فرنسا بعد استقالته، إذ انه اتجه نحو شارعه وتياره وبيئته، وأعلن أنه سيتفرّغ لتيار «المستقبل»، وسيتابع كل شاردة وواردة في العمل الحزبي، وسيعمل على ترميم الهوّة ما بين القيادة والقاعدة الشعبية في بيروت والمناطق، وخصوصاً في منطقة الشمال. ومن هنا، فإن ما قبل 14 شباط لن يكون كما بعده بالنسبة لتيار «المستقبل» وزعيمه الذي يقف أمام تحدي الأبواب المغلقة مع غالبية الأطراف السياسية، رغم النافذة التي بقيت مفتوحة، ولو بشكل محدود.