IMLebanon

أوساط بيت الوسط: “أفكار جريصاتية” و”عراضات لا لزوم لها”

 

إنقسام حول دعوة بعبدا لرؤساء الكتل النيابية

 

قد يبدو لقاء بعبدا لرؤساء الكتل النيابية للاطلاع على خطة الحكومة الاقتصادية والمالية لقاء على سبيل المعرفة وإعطاء العلم اقله للأطراف غير المشاركة في الحكومة التي مالت الى المقاطعة على قاعدة ان الشكل والمضمون لا يتوافقان مع دورها ودورالمجلس النيابي أو أن شاهداً “ما شفش حاجة”.

 

أما السؤال المطروح وبإلحاح في نظام برلماني مثل لبنان، أين دور المجلس النيابي من هذه الخطة؟ أما إذا كان القصد هو طاولة الحوار فإن صانعها هو رئيس المجلس نبيه بري ذاته الذي احتكم اليها يوم الشغور الحاد في سدة الرئاسة ويوم كانت القضايا السياسية والأمنية لا تقل خطورة عن الأزمة المالية.

 

قد ينسب البعض هذه الدعوة لنصيحة أوروبية لشرح أبعاد الخطة ولكن الثابت ان حجم الانقسام حولها كبير الى درجة يوازي حجم الأزمة ذاتها، فهل إن حوار الاربعاء سيكون لتسجيل موقف على أساس رفع العتب أم ان آلية فاعلة ستحصّن هذه الخطة التي ينقسم حولها اللبنانيون كما كل القضايا والأمور والتشتت المستدام بالتطلعات والرؤى؟

 

تفيد المعلومات أن الفكرة سبق وطرحها سفير دولة أجنبية عندما استفسر المسؤولون: كيف يمكن طلب مساعدات على خطة إقتصادية لا توافق عليها النقابات ولا جمعية المصارف ويعارضها الشارع وهل يمكن لصندوق النقد ان يصرف اموالاً لخطة تعارضها كل تلك الشرائح الاساسية؟ نصح الديبلوماسي المعنيين بخوض نقاش حول الخطة وأرتأت بعض الاطراف ان تتم الدعوة الى طاولة نقاش بشأنها يتولاها الرئيس بري الذي يمسك عصا الحوار مع كل الاطراف السياسية من الوسط وبإمكانه الدعوة إلى حوار تحت قبة البرلمان. نالت الفكرة اعجاب رئيس الجمهورية لدى علمه بها وارتأى دعوة رؤساء الكتل النيابية الى بعبدا “للإطلاع على الخطة”. بالنسبة إلى أكثر من رئيس كتلة نيابية كان افضل لو تولى رئيس مجلس النواب تخريج الدعوة لكان أمّن مشاركة الكتل وسهّل للحكومة أي تشريعات لازمة لخطتها. مجرد دعوة كتل نيابية الى بعبدا خلّف امتعاضاً لدى كثيرين ومن بينهم رئيس المجلس، وانعكس سلباً على تعاطي الآخرين مع هذه الخطة التي فسرت على انها مصادرة لدور المؤسسات. ولذا فليس مستبعداً غياب مشاركة رؤساء الكتل السنة عن اللقاء وإرسال ممثلين عنهم من طوائف مغايرة.

 

واذا كانت كتلة “المستقبل” سارعت الى الاعتذار عن عدم تلبية الدعوة، فإن جهات سياسية اخرى تجد ان هناك متسعاً من الوقت لتحديد المشاركة من عدمها، وفضلت لو أن كتلة “المستقبل” تمهلت في إعلان موقفها تجنباً لإحراج الاطراف الاخرى كـ”القوات اللبنانية” والحزب “الاشتراكي”.

 

لا تريد “القوات اللبنانية” كسر القصر الجمهوري بالامتناع عن تلبية دعوته لكن عتبها يتقاطع مع عتب الآخرين: كيف أقرّيتم خطة وارسلتموها الى صندوق النقد وتريدون إطلاعنا عليها؟ وهذا هو الاعتبار الوحيد الذي يحث على التروي بالمشاركة من قبل “الاشتراكي” والآخرين. فـ”الاشتراكي” لم يتلقف الدعوة بسلبية وقاربها بإيجابية وتقول مصادره: “لسنا ضد المؤسسات والمشاركة ممكنة كي ندوّن ملاحظاتنا على الخطة”.

 

غير أن اعتبارات عدة حملت كتلة “المستقبل” على “الاعتذارعن عدم المشاركة في الاجتماع الذي سيعقد يوم الاربعاء في القصر الجمهوري بدعوة من رئيس الجمهورية ميشال عون والمخصص لعرض برنامج الحكومة الاقتصادي”. ما الفائدة من الاجتماع؟ تبادر أوساط “بيت الوسط” إلى السؤال لتنساق منه الى تفنيد أسباب اعتذارها عن عدم المشاركة فتقول: “إذا كان المطلوب الاستماع الى رؤساء الكتل النيابية فهم موجودون في مجلس النواب”، فلماذا الاجتماع في قصر بعبدا وليس في مجلس النواب؟ في تفسير الاوساط عينها أنها “افكار جريصاتية هدفها بعد اعلان رئيس الحكومة عن الخطة استرداد المشهد الى رئيس الجمهورية واستدعاء الجميع اليه” ولذا فهي “خزعبلات بلا قيمة”، والا “لا يمكننا ان ندعو كل الطقم السياسي في البلد لإطلاعه على أمر أقر مسبقاً فهل المقصود الاستماع الى شرح المستشارين والفنيين والتقنيين؟”.

 

انطلاقاً من هذا الاعتبار ترى أوساط “بيت الوسط” ان “الدعوة من الاساس غير طبيعية”. كان يمكن أن تأخذ الامور مجراها الطبيعي بحيث تذهب الحكومة الى الشق التطبيقي من الخطة التي اعلنتها “ولشو العراضات التي لا لزوم لها؟”. هي إذا دعوة ملتبسة من الاساس “حتى المصطلح لم يتفقوا عليه، مرة يتحدثون عن خطة وثانية عن رؤية أو برنامج ومؤخراً وصفته وزيرة الاعلام بأنه إطار”. السؤال الجوهري الذي تطرحه اوساط “بيت الوسط” هو “لماذا تذهب القوى السياسية الى بعبدا لتعطي توقيعها على أمر خاضع للإختبار وهو بمثابة اعلان نوايا وليس برنامجاً وهل يجب ان يجتمع كل البلد لتأمين تغطية على اعلان نوايا قالوا ان الدعوة اليه سببها “الاطلاع” وليس “الحوار” مثلاً؟”.

 

للمصطلحات في مثل هكذا ظروف اهميتها ودقتها ايضاً، إذ كيف نناقش خطة أقرت؟ ولو لم تقر مسبقاً لفهمنا ان المطلوب ابداء الملاحظات، لكن اما وانها اعلنت وقيل انها خطة تاريخية فاذا كانت كذلك فلماذا استدعاء رؤساء الكتل للاطلاع عليها. التشاور عادة ما يكون قبل الاقرار وليس بعده كي تستجمع له توافقاً. اما في الملاحظات على مضمون الخطة فتتوقف الأوساط عند نقطة إضافية وهي ان “الحكومة الحالية استفادت من حسنات برنامج عمل الحكومة السابقة واتجهت به عكس السير. “فما عدا ما بدا” حتى صار صندوق النقد باب الإنقاذ وجسر العبور للإنقاذ الإقتصادي والمالي في البلد فيما كان قبل شهرين لعنة من اللعنات هدفها وضع اليد على البلد، وكيف كان “سيدر” مشروع دين مرفوضاً وتمت عرقلته ثم صار الاعتماد اليوم على أمواله؟ لو حصل الامر قبل خمسة اشهر لكانت الاجواء مختلفة لان سعر صرف الدولار كان 1500 ليرة. هو مسار انحداري بالكامل يكون الحل فيه بالخروج من الكيديات. ثم كيف لخطة إقتصادية لم تحظَ بموافقة لا الهيئات الاقتصادية ولا جمعية المصارف ولا التجار ولا مصرف لبنان أن تنجح؟ وكيف لمشروع ان يخدم البلد ومن وضعه، كناية عن مجموعة خبراء لهم كيدياتهم الخاصة وهدفهم تسجيل النقاط؟”.

 

لا تنفي الأوساط ان المتهم الاول هنا العهد طبعاً، لكن رغم ذلك فالرئيس الحريري لم يتشاور بشأن موقف كتلته النيابية مسبقاً مع اي جهة سياسية لأن “الحريري لا يخوض معركة مقاطعة وتجييش نيابةً عن القوى الأخرى، وقد يجوز ان الحديث حصل لكن بعد إعلان موقف الكتلة وليس قبله”.