Site icon IMLebanon

صمت ثقيل وساعات فاصلة بين مرحلتين من تاريخ لبنان

 

ساعات تفصلنا عن إعلان الحكم بقضية إغتيال الرئيس رفيق الحريري. صمت ثقيل وساعات فاصلة بين مرحلتين من تاريخ لبنان. “يوم صعب” ثانٍ يستعد الرئيس سعد الحريري للتعايش معه اليوم. الرجل الذي سلم بأن تأخذ العدالة مجراها، منذ لحظة اغتيال والده يترقب لحظة النطق بالحكم ولكن انتظاره والحسابات المبنية عليه تختلف عن تلك التي يتهيأ لها الآخرون. وبينما يستعد الحريري لتلقف الحكم بمسؤولية مردداً ذات الموقف الذي سبق وقاله قبل نحو عامين، من أنه لا يسعى إلى الثأر لمقتل والده وإنه سيعمل للحفاظ على استقرار لبنان، تنتظر جهات أخرى قرار المحكمة كفرصة لتصفية حسابات سياسية مع “حزب الله” وهي أعدّت عدتها لذلك. وقد جاهر البعض بحديثه عن إستثمار حكم لاهاي لغايات سياسية.

 

لعله الموقف الأصعب الذي سيتعرض له الحريري بعد إغتيال والده وهو واقع بين دفتين: أن يرضى بقرار المحكمة ليفتح صفحة جديدة على مستوى الوطن، وبين المزايدين ممن سيجدون في القرار فرصة لتعويم أنفسهم سياسياً والتمريك على سعد الحريري، وسيكون من بين هؤلاء شقيقه بهاء الحريري الذي يتوقع أن يستغل مع بعض الافرقاء الآخرين الشارع في محاولة لإستفزاز “حزب الله” وإحراج الحريري.

 

ينقل عارفوه ان الحريري يتعاطى مع الموضوع من موقع المسؤول. لن يدخل البلد في حرب أهلية من أجل الإقتصاص من الجريمة. وهو قالها سابقاً من امام أبواب لاهاي أن “رفيق الحريري استشهد لحماية لبنان وليس لخراب لبنان”. وهو ينوي طي هذه الصفحة بمجرد النطق بالحكم من بعد أن تأخذ العدالة مجراها. مع النطق بالحكم يحرص الحريري على عدم الانجرار الى فتنة داخلية أو الى إحداث توتر في الشارع، وهو أرسل رسائل بهذا المعنى الى من يعنيهم الأمر. وكان سبق وأن التقى رؤساء الاجهزة الامنية ليبلغهم أن تياره ينأى بنفسه عن أي تحرك أو إستفزاز قد يشهده الشارع متمنياً عليهم إتخاذ أقصى درجات التأهب في هذا المجال.

 

بعد ما يقارب 13 عاماً على تأسيسها بموجب مرسوم صادر عن الأمم المتحدة، ستصدر المحكمة الدولية قرارها المتوقع أن يدين سليم عياش على أنه القائد المنفذ والذي نسق الأدوار المختلفة للمجموعة، وستتم إدانة كل من: أسد صبرا، حسن عنيسي وحسن مرعي وستكون بأحكام أخف نظراً لأدوارهم اللوجستية.

 

لا يعتبر “حزب الله” نفسه معنياً بالمحكمة الدولية وقرارها وهو تعاطى معها ولا يزال على أنها ليست الا أداة للضغط الاميركي على لبنان، ولذا هو يسعى لإسقاط الفتنة السنية الشيعية والحفاظ على التهدئة بين الشارعين. ولذا فمن المتوقع الا يلجأ “الحزب” الى اي ردّ فعل مهما كان حجمه وسيترك الأمور تأخذ مجراها.

 

ولكن الخوف هنا أن يتضمن الحكم بشكل أو بآخر اتهاماً مباشراً لأحد قيادات “حزب الله” مما يعمق الشرخ الداخلي، لا سيما مع كثرة الراغبين بالاستثمار في هذا الميدان، ولكن التعويل على الحريري الذي ستكون له كلمة يتوقع ان يكون سقفها عال ليعود بعدها الى تحمل مسؤولياته، عملاً بمقولة والده الشهيد: “ما حدا أكبر من بلده”.

 

أيا يكن الحكم الذي سيصدر بحق المتهمين فسيصار الى إستئنافه بما يعني أن الصفحة لن تطوى عما قريب. يشكل الحكم الذي سيصدر اليوم حاجزاً فاصلاً أمام إستحقاقات عدة أبرزها الإستحقاق الحكومي. واضح أن رئيس الجمهورية ميشال عون آثر تأخير الاعلان عن موعد الإستشارات بانتظار صدور قرار المحكمة وكي يتم تقطيع هذه المرحلة بأقل الاضرار الممكنة.

 

ويأتي هذا القرار فيما لبنان يعيش على فوهة بركان وقد تحول مرفأ بيروت الى ترسانة أسلحة حربية ودخلت اليه كل جنسيات العالم، فيما كانت لافتة زيارة قام بها السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الى الحريري عشية النطق بالحكم، وخرج بعدها معلناً أن “العدالة الالهية ستنتصر لدم الشهيد وتضع لبنان على خريطة تحقيق السلم الدولي”، فهل يمكن لذلك أن يشكل مؤشراً على التعاطي الدولي والإقليمي مع الحكم، أم أن اليوم سيكون محطة احتضان جديدة للحريري الإبن، تؤمن عبوره الى رئاسة الحكومة عافياً متعافياً؟