Site icon IMLebanon

الحريري بنسخته الجديدة… حشر الجميع أم نفسه؟

 

لا تعليق لـ”الثنائي الشيعي” على كلام رئيس الحكومة السابق سعد الحريري. لا موقف معلن، لا سلباً ولا حتى ايجاباً. وطالما أنه استمهل 72 ساعة لإجراء اتصالات فالجميع بانتظار ما سيتقدم به ويقوله. ولكن مجرد ان الثنائي لم يتلقف المبادرة ويعاجل الى إعلان موقفه منها يمكن تفسيره على أنه إشارة سلبية. المستجد أن هذا الترشيح أعاد الزخم للملف الحكومي واطلق الإتصالات مجدداً ولكن الموقف النهائي مرهون بخطوات الحريري ونتائج تواصله مع الآخرين. ولكن هذا لا ينفي وجود مؤشرات أولية يمكن لحظها، أولها إعلان “القوات اللبنانية” عدم السير بتكليفه وكذلك “الإشتراكي” مبدئياً، في وقت لا يبدو ان “التيار الوطني الحر” وقبله رئيس الجمهورية في وارد تبديل رأيه بعدما قاله الحريري.

 

ربما توقع الحريري أن مجرد إعلانه يعني أن الجميع سيتلقف المبادرة مسلماً بشروطه، لكن الأمور لم تبد كذلك بالأمس، وبالتالي صعب لأحد أن يتوقع أن الخميس المقبل سينتهي بالحريري رئيساً مكلفاً. موقف الثنائي لن يخرج عن اطار أن ما اعطاه لمصطفى أديب يأخذه الحريري، وما لم يعط له فلن يأخذه الحريري. التغيير الوحيد الذي حصل هو أن المفاوضات حول تشكيل الحكومة والتشاور قبل التكليف سيكون هذه المرة بالمباشر وليس بالواسطة، فضلاً عن تمسك الاطراف المعنية اي الثنائي و”التيار الوطني” بقواعد تشكيل الحكومات، اي التشاور المسبق مع رؤساء الكتل النيابية والتفاهم على الخطة الإقتصادية، وعلى شكل الحكومة وأسماء الممثلين فيها وما الى هنالك من تفاصيل. واذا كان الحريري أدرج ترشيحه تحت مظلة حاجة الفرنسيين لإنقاذ مبادرتهم، فسيجد ان موقف الثنائي لا يزال ذاته اي أنه يوافق على نسبة 99 بالمئة منها شرط الا تشمل استشاراته كل الاطراف. ولكن السؤال الملح هنا هل انتفت العراقيل التي حالت دون قبول الحريري التكليف منذ سنة ولغاية اليوم؟ وهل تلقى إشارات سعودية مطمئنة او أقله “قبة باط” سعودية من خلال الاميركيين او الفرنسيين؟ في القراءة الاولية يصعب وضع مبادرة الحريري خارج اطار الموافقة الاميركية السعودية والفرنسية، لكن ايضاً لا يمكن الجزم بذلك. ولكن لم يعد للرجل ما يخسره أكثر. تراجع حضوره وتياره، ظهور منافسين ومزايدين عليه من اهل بيته والأقربين، ممن دفع بهم “الوفاء” للإنقلاب عليه، حتى ثروته بددها ثمناً لممارسته السياسة. لعبها الحريري “صولد وأكبر” لا يمكنه الاستمرار في عزلته أكثر ولا تسمية من ينوب عنه والبقاء في الصفوف الخلفية، او إفساح المجال أمام عودة آخرين الى الساحة الحكومية وقد فعلها نجيب ميقاتي وبادر من دون تنسيق مسبق مع ناديه، فهل يبقى الحريري في موقع المتفرج؟ يؤكد البعض أنّ الفيتو السعودي لم يرفع عنه وأنه لم يبق امامه إلا ان يخرج بمبادرة تحت حمى الفرنسيين. فإما ينجح أو يثبت حسن نيته امام الفرنسيين.

 

لكن المشكلة ان الحريري لم يدع له صديقاً الا وصوب باتجاهه لينتهي به الامر الى اعلان ترشيحه بقوة الامر الواقع، على قاعدة إما أنا وإما الحرب الاهلية والخراب، مستبقاً الاستشارات وضع الحريري جملة عقبات امام ترشيحه: كسر الجرة مع “القوات” وصوب باتجاه رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل وحمله والثنائي الشيعي مسؤولية الأزمة التي وصلت اليها البلاد. ولم يستثن رئيس “الإشتراكي” وليد جنبلاط الذي نقل عنه غضبه الشديد على ما قاله. حديثه بأن اصرار الثنائي على ترشيحه خوفاً من الفتنة السنية الشيعية لم يكن مصيباً، ومحاولة افراغ اتفاق الاطار لترسيم الحدود من مضمونه، بقوله ان رئيس مجلس النواب نبيه بري وافق عليه حماية من العقوبات الاميركية قوبل باستغراب. وعلى مقلب نادي الرؤساء اطلق رصاصة الرحمة على مبادرة رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي ولم يعرها اهتماماً. فعلى ماذا يراهن وهل يكتفي بأصوات النواب المسيحيين من خارج كتلتي “التيار” و”القوات”؟ وماذا لو حاصره نادي الرؤساء ولم يمنحه هامشاً للتفاوض وتدوير الزوايا؟ بالمقابل يمكن قراءة طرح الحريري من حيث الشكل بتصويبه النار في كل الإتجاهات، لكن بالمضمون احتسب المالية من حصة الشيعة مسلماً بالمثالثة ولو لمرة واحدة، سلف “حزب الله” بتحييده السلاح وعدم التصويب على ايران، حيد سليمان فرنجية وغازل سامي الجميل، ولو ان هذا لن يغنيه عن وجود حليف مسيحي. فمن أقنع الحريري أن التصويب على الجميع والظهور بمظهر الضحية يعبد طريقه مجدداً باتجاه السراي؟