Site icon IMLebanon

قيامة لبنان أو زواله؟

 

 

 

يُحكى أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال لرئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” محمّد رعد إنّ “سلاح إسرائيل وسلاح “القوات اللبنانية” لم يحميا المسيحيين. كما أنّ السلاح الفلسطيني وسلاح الحركة الوطنية لم يحميا المسلمين”. ما يعني أنّ سلاح “حزب الله” لا يُمكن أن يحمي أحداً في هذه المرحلة. وتحديداً لأنّه لم يعد سلاح مقاومة، وانّما فائض قوة لحماية مصالح رأس المِحور وليس الشيعة.

 

وكلام ماكرون هذا يبيِّن أنّ لبنان وصل الى منعطف يرسم خريطة طريق، قِوامها تبنّي الثنائي الشيعي إطلاق المفاوضات لترسيم الحدود من الناقورة بوساطة أميركية، من جهة، وإعلان الرئيس سعد الحريري أنّ الأهم من الحكومة وتشكليها إقرار واضح من الأحزاب اللبنانية بالموافقة على ورقة العمل الإنقاذية الفرنسية، من جهة ثانية. وليأخذوا حقيبة المالية… دفعة على الحساب…

 

بالتالي، تبيِّن التطورات المستجدّة على ساحتنا المدمّرة ترجيح نظرية إعادة توزيع الأوراق على قاعدة فصل الإقتصاد عن الأمن، عبر تكليف الفرنسيين بوقف الإنهيار، مقابل تولّي الاميركيين الحلّ الجذري لسلاح “حزب الله” من خلال المفاوضات المرتقبة.

 

وكأنّ باريس وواشنطن تقودان لبنان على خطين متوازيين، داخلي وإقليمي، يفترض أن يكمل أحدهما الآخر وإن لم يلتقيا.

 

أو أنّهما يلتقيان في خلفية المشهد؟!

 

ومن معالم اللقاء أن يحذِّر الحريري في حديثه التلفزيوني، من الإستعراضات المسلّحة المُنذِرة بالحرب الأهلية، متقاطعاً بذلك مع مسؤول رفيع في الأمم المتحدة يبدي “المخاوف من انتشار الأسلحة على نطاق واسع في البلاد التي يمكن أن تنزلق إلى حرب أهلية أخرى”.

 

أيضاً، من المعالم أن يشدّد الحريري على المبادرة الفرنسية في كلّ جملة نطق بها، مهما كان السؤال الموجّه إليه، وكأنّه يؤكد أنّ دوره إقتصاديٌ إنقاذي بحت، ولا بديل له، في حين على المجتمع الدولي أن يحِّل مسألة “حزب الله” وسلاحه، مُحمّلاً هذا المجتمع مسؤولية السكوت عن دور الحزب في لبنان والإقليم، كما كان مباركاً وساكتاً عن الدور السوري.

 

وكأنّ الرؤوس أينعت وحان قطافها. لذا، كان إعلان الحريري إستعداده، هذه المرّة، ليس للقبول بـ”حزب الله” مُتحكّماً ومُعطّلاً وفق مصالح مِحوره وإرضاء لمطامع حلفائه، كما شهدت حكوماته السابقة، ولكن لتسليم الخبّاز الأميركي خبز تحجيم الحزب والضغط عليه، وصولاً الى تقزيم دوره، وذلك بعد قطع الأغصان التي تمدّ رأس المِحور بجسد يتفرّع الى حيث تتطلّب استراتيجيته التوسّعية، وبعد قطع الأوكسيجين عن رئتي هذا المِحور الذي تُرِك يتوسّع بقدر ما يخدم المشروع الأميركي، لتعزيز مكانة إسرائيل أمنياً وسياسياً وإقتصادياً.

 

وبما أنّ أوان القطاف حان، دُقّ النفير. وبين باريس وواشنطن بدأ تظهير الصورة للمرحلة المقبلة، مع مزيد من الضغوط الإقتصادية، بدءاً من الإضطرار الى رفع الدعم، وليس إنتهاءً بالحرب الأهلية.

 

من هنا، بات ترسيم حدود الأزمة على نار حامية، لكن تبقى شياطين التفاصيل خلف المنعطف جاهزة لإشعال الحرائق، بتلحيم أو من دونه لعرقلة إنجاز الإخراج، إذا لم يتطابق والمصالح الصغيرة بعد خسارة المصالح الكبيرة لإعلان قيامة لبنان أو زواله.

 

وعلى أمل ما… “يا زهر الرمّان ميل بهالبستان تَ يتسلّوا صغار الأرض ويحْلَوّ الزمان”.