«سخونة» الجبهات في المنطقة تنعكس «برودة» على الملف الحكومي
على وقع عمليات «تسخين» الجبهات في المنطقة، إنطلاقاً من إيران، التي تشهد اليوم بدء مناورة عسكرية تستمر ليومين، مروراً بالعراق وسوريا وصولاً إلى لبنان، لا تزال عملية تشكيل الحكومة باردة، وإعادة التفاوض حولها ستؤدي إلى مزيد من التأزيم، خصوصاً بعد العودة حرفياً إلى نقطة البداية.
تكشف مصادر سياسية مطّلعة أن عودة الحرارة إلى عملية تشكيل الحكومة قد تشهد مفاجأة سلبية من العيار الثقيل، هي العودة للمطالبة بتوسعة الحكومة إلى 20 وزيراً، مشيرة إلى أن رئيس الجمهورية ميشال عون يفكر بالعودة إلى هذا المطلب، وهذه الفكرة نضجت بعد زيارة رئيس الحزب الديمقراطي طلال أرسلان للرئيس عون لأجل المطالبة بتوسعة الحكومة إلى 20 وزيراً ليكون للدروز وزيرين.
إن هذه المعطيات بحال صحّت فهي كفيلة بدخول الحريري في فترة اعتكاف طويلة، لأنها بالنسبة إلى مصادر قريبة من «تيار المستقبل» تعني بوضوح أن المطلوب تمديد الأزمة، وخلق عراقيل جديدة، وبالتالي فإن كل محاولات الحريري ستبوء بالفشل لأنه ليس المطلوب إنتاج تسوية حكومية إنما مشكلة حكومية.
وترى المصادر أن مطلب تكبير الحكومة يعني تخريب كل ما سبق وتم الإتفاق بشأنه، ويعني إعادة تفجير مشكلة التمثيل الدرزي لانه من غير المعقول في المنطق السياسي أن يحصل طرف سياسي على وزير وهو لا يملك كتلة نيابية، مشددة على أنه على ما يبدو، فإن «الحكومة» لم تعد أولوية للفريق الذي يتحكم بالبلد، خاصة بعد تطور المشهد في المنطقة.
وتضيف المصادر القريبة من «تيار المستقبل»: «قد يكون من ضروب الجنون الظنّ أنه بالإمكان إنتاج حكومة في ظل هذا الوضع المتشنّج بالمنطقة، فحزب الله الذي يربط نفسه بأحداث المحور ليس بوارد إنتاج الحلول حالياً، هذا الأمر سيُترجم من خلال المزيد من العرقلة من قبل رئيس الجمهورية وفريقه السياسي الذي كلّما تم حلّ معضلة خلق غيرها لإبقاء الملف في نفس الدوّامة».
بالمقابل تؤكد مصادر نيابية في فريق 8 آذار، أن الرئيس المكلف لم يتمكن بعد من إيجاد الوصفة السحرية التي تُتيح له احترام التوازنات الداخلية، وعدم تحدّي المطالب الخارجية، مشيرة إلى أن الحريري لن يتمكن من التشكيل قبل إيجاد هذه الوصفة، أو قبل تخفيف حدّة المطالب الخارجية منه، والتي تتمثّل بشكل أساسي بضرب الأكثرية النيابية، وهو الأمر الذي لا يقوله الحريري بشكل واضح، إنما تقوله قيادة القوات اللبنانية التي اعلنت شنّ الحرب على الأكثرية النيابية الحالية.
وتشير المصادر إلى أن فريق الأكثرية النيابية يتجاوب مع كل محاولات التوصل إلى حلول، وهو لا يربط ملف الحكومة بأي ملف آخر عن سابق إصرار وتصميم، لا داخلياً ولا خارجياً، كاشفة أنه تعاطى بإيجابية مع محاولة البطريرك الماروني الأولى، وسيتعاطى مع نفس الإيجابية بالمحاولة الثانية التي ستتضمن دخول الراعي بتفاصيل أسماء بعض الوزراء وهويتهم السياسية بما يتعلق بحقائب لا يزال هناك خلافات حولها.
وتكشف المصادر النيابية في 8 آذار عن أن الوضع الأمني في المنطقة ليس على ما يُرام، معلنة أن التأهب «الإسرائيلي» ارتفع عبر إقفال مستعمرات بشكل كامل، مشدّدة على أن تأهب المقاومة على الحدود لا يقل أهمية وهو بدأ منذ أيام، وكذلك الأمر بالنسبة لقوات المقاومة في سوريا، مشيرة إلى أن هذه المعطيات تُلقي بظلالها على لبنان وملف الحكومة، ولن يكون سهلاً تخطّيها.