Site icon IMLebanon

الحريري يراكم الخسارات من علاقاته بالقوات

اذا كانت السعودية قد بررت موقفها من حجب «المكرمة» المزعومة لتسليح الجيش اللبناني بالسياسة الخارجية للبنان محملة المسؤولية «لحزب الله» و«للتيار الوطني الحر»، فان هذا الموقف يندرج في خانة «عذر اقبح من ذنب» كون القاصي والداني كان يعلم أن «المكرمة» التي خصصت لتزويد المؤسسة العسكرية بالسلاح والعتاد تم ايقافها بعد وفاة الملك عبدالله بناء على الخلاف بين الورثة لان مبلغ 3 مليارات دولار هي من المال الشخصي للراحل، وان القاء المملكة المسؤولية على الحزب والتيار هو ذر للرماد في العيون ومحاولة استغباء الآخرين، فقبل اعلان الموقف السعودي من ايقاف «المكرمة» كان المعنيون يدركون جيداً ان الامر منذ البداية لا يتعدى خانة الكلام وسبق لقائد الجيش جان قهوجي ان اعلن منذ فترة ليست قصيرة ان «المكرمة السعودية حبر على ورق» وفق الاوساط المتابعة للمجريات.

ولعل اللافت ان الموقف السعودي صدر عشية عودة الرئيس سعد الحريري من منفاه الاختياري ليعاود نشاطه على الحلبة السياسية انطلاقاً من الهجوم العنيف الذي شنه على «حزب الله» وحلفائه في مهرجان «البيال» والذي قدم فيه لهذا الموقف الذي كان متوقعاً لدى الكثيرين، فجاء الموقف السعودي ليراكم خسارة اخرى من الهزائم التي اصيب فيها «تيار المستقبل» اثر السقطات الحريرية بدءاً من تحميله رئيس «حزب القوات اللبنانية» سمير جعجع المسؤولية على ما حصل على الساحة المسيحية بشكل خاص والوطنية بشكل عام والتي وصفها جعجع بـ«النكتة السمجة» و«اسمج منها الصورة التذكارية» وفق ما نقلع عنه، فان مسارعة الحريري لزيارة معراب والاعتذار عن ذلك بناء على طلب السعودية، لم تشفِ الجرح، وربما ضارة نافعة كون موقف الحريري المنزعج من مشهدية معراب ولقاء العماد ميشال عون بجعجع وتبني الاخير ترشيحه زاد من اللحمة على الساحة المسيحية.

وتضيف الاوساط ان تحميل المملكة «لحزب الله» وللوزير جبران باسيل المسؤلوية عن ايقاف المكرمة لخروج لبنان عن الاجماع العربي فان موقف باسيل في اجتماع وزراء الخارجية العرب اثر الهجوم على السفارة السعودية في طهران ثم بالتنسيق مع رئيس الحكومة تمام سلام وعلى خلفية سياسة «النأي بالنفس منعا لانفراط عقد الحكومة التي باتت على خط الزلازل لارتباط لبنان بمحيطه، وجاء بيان بيت الوسط ليصب الزيت على نيران الاحتقان المذهبي والذي حمّل «الحزب ومن يسير في ركابه مسؤولية ضرب الاستقرار المالي والامني والمعيشي» معتبراً ان استمرار «حزب الله» وحلفائه في تغليب مصلحة ايران على مصلحة لبنان العليا فان ذلك سينال من دوره وانتمائه وحضوره العربي»، وقد اعتبر المراقبون ان البيان المذكور لا يتعدى محاولة الهروب الى الامام وان الحريري اجتهد لتغطية الموقف السعودي وتبريره ولكن هذه المحاولة لن تعوّم الرجل الذي غرق في الخسائر وفقد احد ابرز اركانه داخل «التيار الازرق» وتمثل ذلك باستقالة الوزير اشرف ريفي اثر حدة خلافه مع الحريري الذي اعتبر ان ريفي لا يمثله في وقت يشهد فيه للاخير بانه ضحى بكل ما يملك من مقدرات يوم كان يشغل مركز المدير العام لقوى الامن الداخلي لحماية الحريري وغيره من الاغتيال، وخسارة ريفي لا تعوّض كونه يشكل اهم رافعة «للمستقبل» في طرابلس والشمال.

وتشير الاوساط الى ان اقالة او استقالة النائب خالد الضاهر من «التيار الازرق» تعني وفق الوقائع الميدانية احدى اهم الانكسارات للحريري في عكار كون الضاهر لم يأت الى «تيار المستقبل» بل جاء الاخير اليه لا سيما وانه يجسد حالة شعبية وازنة على الساحة العكارية لها امتداداتها على صعيد محافظة عكار، وبذلك يكون الشمال السني قد خرح من عباءة الحريري لصالح القوى السياسية الاخرى وما يعنيه الامر على الحالة الحريرية لدى الاستحقاقات الانتخابية نيابياً وبلدياً.