IMLebanon

مرشح الحريري الفعلي

ليس الوزير سليمان فرنجية المرشح الأول لرئاسة الجمهورية في خطاب الرئيس سعد الحريري. المرشح الأول هو احترام الدستور، والديموقراطية بمؤداها الحقيقي.

عملياً، لا يملك الحريري، وقوى 14 آذار، سوى الدستور جدارا يستندون اليه في دفاعهم عن الدولة، ولا يملكون سوى هذا الجدار سداً في وجه سعي حزب الأمين العام الى تفتيتها، وإلحاقها بولاية الفقيه. فلا السلاح من ادواتهم، ولا التدمير من تراثهم.

والدستور هو فحوى “اتفاق الطائف” وحامي العيش المشترك، وما يهددهما، في العمق، هو السلاح خارج قرار الدولة، وفعله الداخلي تجلى في 7 أيار، وبالقمصان السود، أما الخارجي الاقليمي ففي تنطحه للقتال في سوريا والعراق واليمن، لفرض هيمنة ايران عليها، كما على لبنان، قبلها، وبفضله.

أتى رفيق الحريري بمشروع إعادة بناء الوطن وقيامة الدولة، أي نقيض ما كان يسعى اليه نظام الوصاية، من قضم وابتلاع “اللواء المتمرد” (أي لبنان، في أدبيات دمشق السياسية والتي تسمي الاسكندرون باللواء السليب، وفلسطين باللواء المحتل). وحاول السير بمشروعه بين محاولات الاجهاض المتعددة. قدم تنازلات هنا، وخدمات سياسية هناك تخفف عن “قصر المهاجرين” غضب المجتمع الدولي، وتحسن علاقاته، لا سيما مع فرنسا وأوروبا، حتى سمي بوزير خارجية سوريا الفعلي. لكن كل ذلك، لم يطفئ حقد نظام دمشق، لأن هذا الحقد لم يكن عارضاً، بل ترجمة لمشروع اقليمي طرفه الآخر نظام الملالي في طهران، ومن يمثله، وهذا يقتضي زعزعة لبنان، مع بروز زعامات تريد وحدته، لتسهيل إحكام الهيمنة عليه، وإلا لماذا اغتيال كمال جنبلاط، وتغييب الامام موسى الصدر، وتفجير الرئيس بشير الجميل. فما يجمع هؤلاء طموح كل منهم الى دولة سيدة حرة مستقلة.

اليوم، قدم الحريري الابن كل ما يمكنه تقديمه ليحفظ لبنان من الهيمنة، حتى القبول بمرشح 8 آذار، مشترطاً الحد الادنى: انتخاب ديموقراطي وفق الدستور، والتزام المرشح بـ” اتفاق الطائف” الذي انقذ لبنان ويستمر في انقاذه.

تأييد ترشيح فرنجية ليس بعيداً عن الدرب الذي اعتمدته “قوى 14 آذار” منذ انطلاقتها في مواجهة العناد المسلح. في البدء كان الحوار، واوحى ان ثورة الارز تمد “يداً رخوة” الى الشريك في الوطن، لكنها اليد التي تريد بناء وطن المؤسسات، وأول بنوده، اليوم، انتخاب رئيس للجمهورية، يوقف مسلسل الجلسات النيابية المخيبة، واستغباء الدستور.

ما فعله سعد الحريري ليس أقل من تصويب النقاش العام، والإضاءة على صلب القضية: انتخاب رئيس جديد، وفق الديموقراطية الحقيقية، هو المنطلق لإعادة الدولة إلى دورها، وبوجوده يكون لمكافحة الفساد أفق. وإلا يستمر الغرق في يم الجدل البيزنطي، ونسقط في كمائن حزب الأمين العام، الذي يبرع في تحويل الباطل حقا، والحق ضلالة، ويجعل من تأمين النصاب لعبة غميضة.