كيف يدعم «المستقبل» الجيش ويغطّي ضاهر؟
الحريري يخشى الانتخابات.. وكاد أن يستقيل!
ثمة جردة حساب طويلة بين خالد ضاهر والجيش: اتهامات، تهجم، تحريض، تخوين، تكفير، وما الى ذلك من أقوال وأفعال.. وصولا الى أحداث طرابلس الاخيرة وما تردد عن ضلوع ضاهر في ما كان يجري ويُحضّر، بحسب اعترافات احمد سليم الميقاتي والتسجيلات الصوتية.
بناء على تلك الجردة، هناك من انتظر ان يبادر تيار «المستقبل»، دفعا للإحراج وحفاظا على ما يقال عن حماسته الى جانب المؤسسة العسكرية، الى اتخاذ إجراء ما بحق خالد ضاهر، ولكن بدل ذلك جاء قراره صادما للناس.. وللجيش الذي يرى ضرورة الملاحقة القانونية والقضائية لمن يتخذ من الحصانة النيابية متراسا لارتكاب الموبقات بحق المؤسسة العسكرية، وفي أكثر الاوقات حراجة.
جاء قرار «المستقبل» ليغطّي خالد ضاهر ويرفض إجراء اتخذه الجيش بحق منزل النائب العكاري، وكأنه يمنحه بذلك الاذن مجدداً للتمادي اكثر بحق المؤسسة العسكرية. على غرار تغطيته لما قام به زميله معين المرعبي سابقاً. وهنا تنبري الاسئلة التالية:
– هل يغطي «المستقبل» الجيش فعلا ويرفض المس به، فإذا كان كذلك لماذا «برّأ» نائبه وأظهره كحمل وديع مجني عليه والجيش هو الجاني؟
– ما هو موقف «المستقبل» فعلا اذا ما صحت اعترافات احمد سليم الميقاتي عن دور ما لضاهر، وهل كان التيار على علم بما يقوم به النائب العكاري؟
– هل «المستقبل» مقتنع بتغطية ضاهر، ام ان هذه التغطية هي تلبية لرغبة سقطت عليه من «الخارج» هي أعلى وأقوى من ان يقدر على ان يتجاهلها أو يعترض عليها؟
خصوم «المستقبل» يعتبرون انه شريك بالتكافل والتضامن في ما يجري، ومن الطبيعي ان يحتضن خالد ضاهر كونه يشكل احد عناصر المواجهة مع الجيش. وأما مريدو «المستقبل» فيضربون بسيفه ظالما أو مظلوما، (هذا لا ينفي ان نقاشا حادا دار في الآونة الاخيرة داخل التيار تحت عنوان: أين نحن وفي صف من، المجموعات الارهابية ام الجيش؟).
ولكن «مقاربة حيادية» لحال «المستقبل» توصل الى ما يلي:
– «المستقبل» أسير صراع داخلي بين منطق دعم للجيش واحتضانه له، وبين منطق الهجوم على الجيش وانتقاد دوره الى حد تخوينه وتطييفه، والدعوة الى «معاقبته».
– أولوية «المستقبل» هي البحث عن نفسه من جديد، وتحديدا في المناطق التي لطالما شكلت خزانا له، فمشكلته انه بات على يقين ان هذا الخزان قد بدأ يجف.
– الاولوية الاساس هي أن يعود ويتفشى من جديد في الجسم السني، لكن المجموعات المتشددة تشكل عائقا في وجهه وهو أعجز من ان يستطيع اختراقه وتجاوزه.
– من الخطأ الاعتقاد أن «المستقبل» سيبادر الى اتخاذ إجراء بحق خالد ضاهر أو أي نائب متشدد آخر، سواء في عكار أو صيدا أو الشمال أو البقاع الغربي، فهو في حاجة اليهم أكثر مما هم بحاجة اليه، خاصة أن البيئة التي يسبح فيها ضاهر وغيره من المتشددين صارت الى حد كبير غريبة عن «المستقبل».
– يدرك «المستقبل» تماما هذه الحقيقة، ولذلك لم يجد أمامه سوى الهروب الى الأمام عبر تطيير الانتخابات النيابية. ومن دون تحفظ تسيّد الدعوة الى تمديد ولاية المجلس النيابي. ولتمرير هذا التمديد تخلى عما اعتبرها من «المحرمات» مثل: التشريع في مجلس النواب في غياب رئيس للجمهورية، أو في ظل حكومة تصريف أعمال. وهذا التوجه يخفي إقرارا غير مباشر بعدم قدرته على إمساك الدفة في مناطقه التقليدية، وفي الوقت ذاته يخفي قلقا من نتيجة الانتخابات التي قد تطيح صورته.
هنا، يكشف مرجع سياسي انه عندما سمع من سعد الحريري رغبته بالتمديد للمجلس النيابي، اعتقد المرجع المذكور ان الحريري يناور. ولكن بعد عودة الحريري الى بيروت التقيا معا، وفي الحديث بينهما تيقن المرجع ان الحريري جدي جدا في التوجه نحو التمديد، لا بل هو على استعداد للقيام بأي أمر في سبيل تحقيق هذا الهدف.
في ذلك اللقاء أكد الحريري ان توجه «المستقبل» حازم وصارم في مقاطعة الانتخابات النيابية إن تم التأكيد على إجرائها «وإن أصروا على ذلك فليجروها بلا السنة».
وفي ذلك اللقاء أسرّ الحريري للمرجع السياسي بما مفاده «لقد كنا بصدد الاستقالة من مجلس النواب ثم عدلنا عن ذلك في آخر لحظة. اذ اننا عدنا وفكرنا في ان نتيجة هذه الاستقالة قد تكون عكسية، فلنفرض اننا استقلنا وتم التمديد للمجلس، عندها بتطلع براسنا.. فتراجعنا».
يقول المرجع انه قرأ في كلام الحريري خوفا من الشمال ومن ان تؤدي اية انتخابات الى تخسيره «الخزان» الذي كان يعطيه الاكثرية التي يتحكم من خلالها بالدولة ومقدراتها.