IMLebanon

الحريري بعد إنجازَي قانون الإنتخابات والسلسلة… ماذا عن الإنجاز الثالث؟

في نهاية النهار الطويل، الثلاثاء من الحادية عشرة قبل الظهر وحتى الحادية عشرة ليلاً، يفتح رئيس الحكومة دفتر الإنجازات ليدوِّن فيه:

إقرار سلسلة الرتب والرواتب. ورقة السلسلة في الدفتر تأتي مباشرة بعد ورقة إقرار القانون الجديد للإنتخابات النيابية.

أكبر إنجازين في شهر واحد، لملفين صار عمرهما على طاولة النقاش عقدٌ من الزمن، فقانون الإنتخابات بدأ الحديث عن وضعه منذ إجراء إنتخابات 2009، وإقرار سلسلة الرتب والرواتب بدأ الحديث فيه منذ خمسة أعوام. لم يكن أحدٌ يجرؤ على مقاربة هذين الملفين لأنهما مشتعلان ويحرقان اصابع مَن يفتحهما ويفلفش أوراقهما. ولنتذكر ما كان يُقال:

سعد الحريري لا يريد قانوناً جديداً للإنتخابات، لأنَّ قانون الستين يناسبه، بل إنه لا يريد انتخابات نيابية بالمطلق، لأنها تسبب وجع رأس ولا بأس بالتمديد.

قطع الشك والتشكيك باليقين، وضع قانون الإنتخابات في البيان الوزاري ونال الثقة على أساسه، وأنجز قانون الإنتخابات، فبلع المشككون ألسنتهم.

صدر القانون في 17 حزيران 2017. لم يمر شهر على هذا الإنجاز حتى وضع نصب الأعين الهدف الثاني:

سلسلة الرتب والرواتب. قال كثيرون:

الحكومة لا تريد سلسلة الرتب والرواتب، رئيس الحكومة يعترض على أرقامها، وهناك صعوبة في تأمين إيراداتها.

يعرف الرئيس الحريري أنَّ الإستقرار الإجتماعي هو أساس الإستقرار السياسي.

سار في السلسلة حتى قبل الإنتهاء من الموازنة، وفي يوم واحد تمَّ إقرار السلسلة، وصار بإمكانه أن يزف إلى الشعب اللبناني الإنجاز الأول بعد الإنجاز الثاني في أقل من شهر، والإنجاز الثالث على الطريق، وهو إقرار الموازنة للمرة الأولى منذ إثني عشر عاماً.

لكن مع هذين الإنجازين المحققين، والثالث على الطريق، لا بد من الإضاءة على تحديات كبيرة في الطريق إلى مراكمة الإنجازات، وهذه التحديات يدركها الرئيس الحريري جيداً لأنه يعيش تفاصيلها يومياً.

إقرار السلسلة عملٌ كبير وإنجاز محقق، لكن الزيادات هي للقطاع العام، عند صدورها في الجريدة الرسمية لتصبح نافذة. وهنا الأهمية القصوى الجدية وعدم ارتفاع الأسعار تحت طائلة المسؤولية، حيث من المفترض أن تكفي الضرائب لدفع السلسلة ونقطة على السطر.

جاءت السلسلة في لحظة داخلية بالغة التعقيد، فهناك الصرف على النازحين الذي يأكل من خزينة الدولة في ظل عدم توافر المساعدات الكافية، وهناك الأزمة الخليجية التي تؤثر سلباً على تحويلات اللبنانيين العاملين في دول الخليج. وهناك تركة العامين ونصف العام من الفراغ الرئاسي التي أثرت على حركة الأعمال والإستثمارات.

إن مواجهة هذه الأمور، من خلال خطة حكومية تقوم على ضبط وضع الإدارة اللبنانية ووقف الهدر والفساد والتهرب الضريبي، من شأنه أن يخفف من الأعباء الآتية حتماً من السلسلة.

المسألة ليست سهلة، رئيس مجلس النواب نبيه بري وفي اليوم الأول من الجلسة، قال:

لا شيء يعطى ببلاش فهناك زيادة ضرائب وإصلاحات. لكن ما يخشاه اللبناني هو أن يرى الضرائب ولا يرى الإصلاحات.

ولكن هل من علاقة بين البدء بتطبيق السلسلة وبين الموازنة؟

لوّح وزير المال أنَّ اعتمادات السلسلة تدفع من الموازنة بحال إقرارها خلال شهر، وإلا تصبح ناجزة حكماً حتى ولو لم تقر الموازنة.

هذا يعني أنَّ تطبيق الزيادات سيتم بعد شهر، خصوصاً أنَّ الموازنة ليست سهلة المنال، في ظل استمرار النقاش حول تأمين الإيرادات الضريبية وقطع الحساب.

يبقى التحدي الأكبر هو مسألة تحديث إدارات الدولة، فكيف سيتم التوفيق بين الزيادات وترهل الإدارة؟

وكيف ستتم معالجة هذه المعضلة؟

إنه التحدي الأكبر بالنسبة إلى الرئيس الحريري، فهل يكون هذا التحدي هو الإنجاز الثالث؟