IMLebanon

مبادرة الحريري من مشروع الدولة إلى مشروع الوطن

في العام 1994، قال الرئيس الشهيد رفيق الحريري لغبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، وفق ما ورد في مذكرات الأخير: «إذا لم نتوحد كلبنانيين ونبني دولتنا فإن النظام السوري سيضم لبنان لسوريا». . وفي العام 1996 عمل على إصدار قرار من مجلس الأمن الدولي حيث تم تشريع عمل المقاومة. وكان تحرير الجنوب اللبناني من الاحتلال الإسرائيلي في 25 أيار 2000.

واكب الرئيس الشهيد الحركة الإستقلالية بعد بيان بكركي في 20 أيلول عام 2000 حول ضرورة استكمال تنفيذ بنود اتفاق الطائف بانسحاب الجيش السوري إلى البقاع، كذلك فإنه واكب لقاء البريستول وصدور قرار مجلس الأمن الدولي 1559 حول ضرورة الانسحاب العسكري من لبنان. وكان أن دفع دمه ثمن مواقفه هذه دفاعاً عن سيادة لبنان، حريته واستقلاله. 

وكانت ثورة الأرز في 14 آذار عام 2005 فلقد فدى دم الرئيس الشهيد لبنان، وكان الاستقلال الثاني بانسحاب الجيش السوري كلياً من لبنان في 26 نيسان عام 2005.

وها هو الرئيس سعد الحريري يتابع المسيرة من أجل «لبنان أولاً»، وها هي مواقفه الوطنية تتجلى حين يحتاجها لبنان. وتيار المستقبل يتقدم الصفوف في مواجهة مشروع الهيمنة الإيراني على لبنان ويقدم الشهيد تلو الشهيد، إلى جانب باقي قوى وشخصيات 14 آذار وهذه أبرز المحطات الوطنية على مدى السنوات العشر 2005-2015:

أولاً: إنشاء المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وذلك إحقاقاً للحق واحتكاماً لمنطق العدالة لا لمنطق الثأر وحماية للحريات السياسية.

ثانياً: الحفاظ على عمل مؤسسات الدولة حين تمت محاصرة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الأولى عام 2006.

ثالثاً: إصدار القرار 1701 عن مجلس الأمن الدولي خلال عدوان تموز عام 2006 حماية للبنان من العدوان الإسرائيلي المتكرر (حكومة المقاومة السياسية كما سماها دولة الرئيس نبيه بري).

رابعاً: حماية السلم الأهلي في« اليوم المجيد»، 7 أيار عام 2008، وعدم الإنجرار إلى الصدام المسلح مع ميليشيا « حزب الله»، في إطار مشروعه للهيمنة على لبنان.

خامساً: المكابرة على الجراح والذهاب إلى دمشق في إطار مساعي المملكة العربية السعودية إلى وقف حملة الاغتيالات التي طالت العديد من القادة اللبنانيين.

سادساً: مواجهة حركة « فتح الإسلام» في مخيم نهر البارد وسحقها من دون هوادة وهذا ما أسس لحماية لبنان من التطرف الجهادي، وبالتالي حماية السلم الأهلي فيه بالرغم من اشتعال النار في سوريا على مدى سنوات خمس. علماً أن قائد حركة «فتح الإسلام»، شاكر العبسي، قد فرّ إلى أحضان الرئيس السوري بشار الأسد حين سقط المخيم على يد الجيش اللبناني بعد تقديم 1200 شهيد. ولو لم يتم إسقاط مشروع « فتح الإسلام «، وسمح له بالتمدد على منطقة الشمال اللبناني لكان طيران التحالف الدولي يقوم بقصف هذه المنطقة بحجة مكافحة الإرهاب.

سابعاً: دعم مؤسسات الدولة في مواجهة التطرف الجهادي بكل الوسائل والإمكانات المتاحة من جيش وأجهزة أمنية ومساهمة المملكة العربية السعودية بـ 4 مليار دولار.

ثامناً: تحقيق الانتصار في انتخابات عام 2009 النيابية، مع باقي الحلفاء في قوى 14 آذار وإسقاط مشروع الهيمنة الإيراني على لبنان.

تاسعاً: العمل مع فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان على صدور «إعلان بعبدا» حصراً للسلاح بيد الجيش اللبناني وبأمرته.

عاشراً: المبادرة إلى اتخاذ الموقف الوطني المطلوب من أجل إيجاد جلسة تشريع الضرورة في شهر تشرين الثاني عام 2015 حفاظاً على المصلحة اللبنانية العليا.

وفي السياق عينه تأتي المبادرة الوطنية الجريئة من قبل دولة الرئيس سعد الحريري بترشيح الوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية وهو على ما هو« الأخ للرئيس بشار الأسد» الذي سيغادر رئاسة الجمهورية السورية خلال العام 2016 على ما تؤشر إليه كافة المعطيات السياسية الدولية وأبرزها موقف الرئيس الأميركي باراك أوباما، و» الحليف» لدولة الرئيس ميشال عون، الذي يضع العراقيل أمام وصوله لرئاسة الجمهورية. فماذا سيكون عليه المشهد السياسي اللبناني بعد انتخاب الوزير سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية؟

أولاً: تكريس دولة الرئيس سعد الحريري زعيماً وطنياً بامتياز، في الوقت الذي يبحث كل من القيادات السياسية اللبنانية وأولهم العماد ميشال عون عن موقعه ودوره الشخصي. 

ثانياً: سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية هو الأقدر على الحوار مع « حزب الله» لتنفيذ «إعلان بعبدا» لمصلحة بناء الدولة اللبنانية كمرجعية أحادية للسلاح.

ثالثاً: خروج لبنان من الانقسامات السياسية الحادة والعميقة لمصلحة مشروع بناء لبنان الوطن المرتكز على مبادئ الحياة السياسية الديمقراطية في مرحلة ما بعد سقوط نظام بشار الأسد وبالتالي سقوط مشروع الهيمنة الإيراني على دول المشرق العربي.

رابعاً: تطبيع العلاقات السياسية والاجتماعية ما بين تيار المستقبل و«حزب الله» وما بين جمهوري هذين التيارين في الزمن الذي تسبّب فيه مشروع الهيمنة الإيراني بصدام إتخذ طابعاً مذهبياً في كل من العراق وسوريا. هذا التطبيع الذي يشكل الشرط الأساسي في مشروع بناء لبنان الدولة ولبنان الوطن.

أما في الخلاف الماروني- الماروني وانعكاساته السياسية، على لبنان فما علينا إلا العودة للمثل القديم المعروف « الموارنة لا يتفقون». فهل تخلّى بعض من زعماء الموارنة عن مشروع الدولة منذ أن وقع التيار الوطني الحر« ورقة التفاهم» مع « حزب الله» ؟ وهل أصابت عدواها « إعلان النوايا « الموقّع بين هذا التيار وحزب القوات اللبنانية؟!

وليتصور الجميع للحظات وضع لبنان، في ظل ما يشهده المشرق العربي من صراعات دامية، لو لم يكن من وجود لتيار المستقبل. فكيف كانت حال الطائفة السنية؟ وهل كانت توزعت على جماعات إسلامية تشكل امتداداً للجماعات الإسلامية في سوريا والعراق؟ وفي هذه الحال كيف كان الوضع في لبنان في ظل استقطابين: تطرف سني وتطرف شيعي يمثله « حزب الله» ؟