كثرت التساؤلات حول ما ستكون عليه المواقف والتحركات السياسية بعد ولادة الحكومة، ولا سيما تيار «المستقبل»، الذي يعتبر الأبرز في مواجهة خصومه السياسيين بعد إزاحة رئيسه سعد الحريري من السراي.
وفي السياق، تشير المعلومات إلى أن الرئيس سعد الحريري بدأ يكثّف من اتصالاته ومشاوراته مع كل القوى السياسية والحزبية، ولا سيما تلك التي كانت تنضوي في فريق 14 آذار، وهناك من يقوم بمساعٍ من أجل تقريب المسافات بين هذه القوى بعد الخلافات العنيفة التي عصفت بين مكوّناتها، وخصوصاً بين تيار «المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية»، ولهذه الغاية، لا تستبعد المعلومات نفسها، أن يعقد لقاء قريب بين الرئيس الحريري ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع، من خلال مساع سيقوم بها مستشار الرئيس الحريري الوزير الأسبق غطاس خوري، إضافة إلى أن اللقاء الذي جمع رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط مع الحريري، ومن خلال المعلومات من مصادر وثيقة، كان إيجابياً ويؤشّر إلى تنسيق قريب بينهما بعد الخلافات الحادة التي أصابت علاقتهما، ووصلت إلى مرحلة التراشق الإعلامي بالإتهامات المتبادلة، وهذه الإنطلاقة في إعادة الحوار بين الرجلين ستتبعها خطوات أخرى تتمثّل بإعادة ترتيب وضعية أحزاب وقوى وتيارات سياسية كانت مشاركة في الحكومة وتسعى إلى إعادة ترتيب أوضاعها الداخلية بعد الهوّة بينها وبين محازبيها وجماهيرها وأنصارها، مثل الحزب التقدمي و«المستقبل»، إذ يسعى الإشتراكي إلى عملية إصلاحية داخلية هي موضع إصرار حزبي بعد خروج قيادات وسطية من الحزب، وتجميد أكثر من محازب لنشاطه على خلفية أن ثمة من كانوا وزراء ونواب سابقين وتدور حولهم شبهات وفساد وإثراء غير مشروع، مطالبين رئيس الحزب بإبعادهم.
ومن هنا، يُتوقّع أن تحصل خطوات في مرحلة قريبة تعيد دور الحزب إلى ماضيه، إنما وفق ما قال جنبلاط، فإنه لن يترك من كان معه لأكثر من أربعين سنة، وإنما إحالة بعضهم إلى التقاعد قد باتت قريبة.
وفي الإطار نفسه، علم أن الحريري بدأ بدوره بتكثيف لقاءاته على مستوى الكتلة النيابية والمكتب السياسي والمنسقيات في «التيار الأزرق» انطلاقاً ل«نفضة» من داخل البيت بعد الثغرات الكبيرة التي انكشفت ما أدى إلى ترهّل «التيار» وتراجع شعبيته وأدائه على كافة المستويات.
ومن المتوقّع، بحسب المعلومات نفسها، وبعد القيام بهذه الترتيبات الداخلية لهذه الأحزاب والتيارات السياسية التي غرقت في السلطة لسنوات طويلة، ولم تسجّل الأداء المطلوب من المحازبين والأنصار، يرتقب أن يصار لاحقاً إلى إعادة تجميع القوى السيادية من أجل أن تكون هناك معارضة قوية لديها المكوّنات المطلوبة لمواجهة حكومة اللون الواحد، على اعتبار أن ذلك، وفي الظرف الحالي، غير متوفّر خصوصاً وأن تنقية العلاقات بين هذه المكوّنات يحتاج إلى الوقت نظراً للمرحلة التي مرّت بها، حيث شهدت خلافات وتباينات، وفي أحيان كثيرة قطيعة ومساجلات واتهامات متبادلة.
يبقى أنه، وأمام هذا الواقع، فإن مسألة معارضة الحكومة من قبل هذه القوى السياسية وأحزابها، أمر حتمي ولكن «عدّة» المواجهة غير مطلوبة في ظل انكفائها عن جماهيرها، بينما تبقى «الثورة» وبحسب مصادر بعض المشاركين فيها، هي المكان الوحيد والأبرز للمواجهة، ليس مع الحكومة فحسب، وإنما مع سائر الطبقة السياسية، وبمعنى أوضح، أن هذه الثورة مستمرة، وبطرق متعدّدة.