IMLebanon

الحريري وجعجع موعدان قريبان

اشتعال المواجهة السياسية والاعلامية والعسكرية بالواسطة بين المملكة العربية السعودية وايران بلغ الذروة، وسيبدأ بالانخفاض ليستقر في ما بعد عند مستوى الحرب بالوكالة في سوريا واليمن واجزاء من العراق، فيما يبقى لبنان ساحة مواجهة اعلامية محدودة الافق لا تتجاوز حدود المواقف السياسية بين طرفي النقيض السني والشيعي، اي “تيار المستقبل ” و “حزب الله”. فالخيار الوحيد المتاح لبنانيا في هذه المرحلة هو “تنظيم الخلاف ” بين المكونين الكبيرين في البلد. وتنظيم الخلاف معناه الاعتراف بوجود خلاف لا يمكن حله راهنا، وتأكيد وضع سقوف للخلاف بحيث لا يتجاوز حدا معينا يصير معه خطرا حقيقيا على استقرار لبنان، وعلى تفاهمات “التهدئة ” التي ادت الى ولادة الحكومة الحالية، واطلاق جولتي الحوار الجماعي والثنائي.

ما يؤكد السيناريو المشار اليه، ان يوم امس الاثنين كان يوم “الحوارين”، الجماعي ظهرا، و الثنائي (“تيار المستقبل ” مع “حزب الله”) مساء، في الوقت الذي كان يمكن ان يشتعل البلد على الارض على خلفية اكثر من حادثة اقليمية، او محلية سياسية. ما حصل ان الاطراف اللبنانيين مجمعون على “التهدئة”، ولا يرى اي طرف من زاويته اي فائدة من تفجير الارض. حتى الطرف الاقوى عسكريا وامنيا يعرف ان قوته محدودة متى اشتعلت الارض، و خصوصا انه مثخن بالجراح السورية بأكثر من الف وخمسمئة قتيل، و قد فشل فشلا ذريعا في قلب المعادلة الميدانية في سوريا في مواجهة الثوار. هذا الواقع يجعل من السجالات السياسية والاعلامية موضع تنفيس الاحتقانات في ظل “تهدئة ” لم يحن بعد اوان اسقاطها.

في هذا السياق يحضر الاستحقاق الرئاسي الذي بدأ يتلبنن اكثر مع اطلاق سعد الحريري مبادرته الرئاسية عبر ترشيح النائب سليمان فرنجيه، والرد الآتي من سمير جعجع بإستعداده لاعلان تأييد انتخاب ميشال عون للمنصب نفسه. و الحال ان الاستحقاق الرئاسي سيشهد زخما كبيرا مع قرب اعلان الحريري رسميا ترشيح فرنجيه، وفي المقابل اعلان جعجع ترشيح عون. و سيكون المشهد “مثيرا” من حيث اختلاط الاوراق الداخلية حتى ان “حزب الله” الذي اعتقد لوهلة انه يمسك بكل الاوراق في لبنان، يكاد يرى نفسه في موقع من تجاوزته اللعبة الداخلية بـ”بهلواناتها ” السياسية.

ولن يطول انتظار اللبنانيين لخروج كل من الحريري وجعجع على الاعلام للاعلان رسميا عن ترشيحهما فرنجيه وعون لسدة الرئاسة، وهذه ايجابية كبيرة اذا كان من شأنها فتح ابواب مجلس النواب المغلق بقرار من “حزب الله”. اما التذرع بـ”السلة الكاملة” للتسوية فقد لا يعود ينفع لعرقلة الاستحقاق الرئاسي.

يستفاد مما تقدم ان “التهدئة ” مستمرة، لان جميع الاطراف مقيمون في غرفة الانتظار الاقليمي، من “حزب الله” الذي يكابر لحرف الانظار عن هزيمته المدوية في سوريا، الى قوى 14 آذار التي تعيش حالة متقدمة من التفسخ مع ضياع القضية.

ان المرحلة المقبلة يمكن ان تشهد توسيع الهامش اللبناني في اللعبة السياسية المحلية. فهل يصح هذا السيناريو المتفائل ام نشهد تطورات مفاجئة تقلب الطاولة رأسا على عقب؟