IMLebanon

الحريريون لـ«الجنرال»: مشكلتنا ليست معك

يحاول «الحريريون» مسح آثار «الهزيمة» من على محياهم، حين يتطرق الحديث معهم الى الاتفاق النووي، بكونه مفترقاً في مسار المنطقة وفي مصير منظومة العلاقات الدولية التي تربط طهران بعواصم القرار.

بكل واقعية، يقول أحدهم إنّ «الخاتمة السعيدة لماراتون المفاوضات لم تكن مفاجئة، لا بل حسب لها الحساب». كل السيناريوهات كانت مرسومة بنظرهم، في البال وعلى الورق، وكل احتمالات ما بعد الاتفاق واردة في أذهانهم.

ولهذا فإنّ ايران ستخضع في المرحلة المقبلة، لفترة اختبار. ليس على مستوى التزامها ببنود الوثيقة الدولية، لأن ذلك من شأن دول الـ 5 +1، ولكن على مستوى أدائها مع محيطها، العربي تحديداً.. قبل أن يقول هؤلاء كلمتهم.

يعرف هؤلاء ماذا ينتظرهم بعد أن تتحرر إيران من قيودها الاقتصادية والمالية، هم مقتنعون أنّ «سياستها التوسعية» التي بدأتها منذ عقود في العمق العربي، قد تصير أكثر «طمعاً» بعد أن تصير السيولة حاضرة ومتوفرة. مع ذلك، فإنّ أولويات طهران الداخلية في اعادة تجديد صناعاتها وبناها التحتية، قد تخفف من ثقل التحديات المنتظرة من جانب جيرانها، على حدّ ما يرى بعض الحريريين، إذا ما قررت ايران توجيه المليارات القادمة من خلف البحار، نحو الداخل.

هكذا، يرصد هؤلاء تصرف طهران مع محيطها وما اذا كانت ستستمر في سياسة القضم أم أنها ستأخذ خياراً آخر، مختلفاً، يسمح بفتح أبواب الحوار. هذا الاحتمال قائم بالنسبة للفريق الأزرق، وليس مستبعداً، لا بل يغلب على ما عداه من السيناريوهات. ويتطلع بإيجابية الى ما يمكن أن تحمله الأيام، لا سيما على مستوى العلاقة السعودية – الايرانية، لأن امكانية التقاء الفريقين ليست صعبة.

ولكن هذا لا يعني بنظرهم أنّ «الفرج» صار قريباً من الحدود اللبنانية. الملف اللبناني لا يزال بعيداً في ترتيب الأولويات الاقليمية، ولا مؤشرات جدية قد تشي باحتمال تقدمه على غيره من القضايا الشائكة والملتهبة.

ولهذا فإنّ المشهد المحلي متروك لحراك أبنائه وتفاعلهم مع الاستحقاقات المنتظرة، وأهمها في قيادة الجيش. حتى اليوم لا مبادرة جدية من شأنها أن تقف حاجزاً أمام تسرّب مخدر التمديد الى عروق المؤسسة العسكرية، ولا يبدو أن هناك أصلاً نية لابتكار مخرج يحول دون اسقاط مشهد التمديد على مسرح اليرزة.

كل ذلك صار مرتقباً، مع أن الجنرال ميشال عون قد يفعل كل ما باستطاعته لمنع هذا السيناريو. وهو لذلك يبقي «شارعه» متأهباً، راصداً أداء خصومه، وحلفائه على حد سواء، وينتظرهم على الكوع، كي يكمل دورة كرة الثلج الاعتراضية.

هكذا يُفهم غياب التواصل الجدي بين الرابية وبيت الوسط. لا يعني ذلك أنّ الفريق الأزرق استعاد أدبيات الخصومة في تعاطيه مع البرتقاليين بعدما قرروا نقل «المشكل» من طاولة مجلس الوزراء الى الشارع، ولكن لأن بقعة النقاش المشترك، تخلو من المواد الدسمة.

هذا لا يحجب كومة الانتقادات التي يجمعها «الزرق» على أداء العونيين في ما خصّ التعامل مع رئيس الحكومة تمام سلام أو حتى في مقاربتهم لملف التعيينات، أو في ما يتصل بجوهر الأزمة، أي الاستحقاق الرئاسي.

بنظر هؤلاء، فإنّ اطلاق صفات «الداعشية» وما يشبهها على تمام سلام بالتحديد فيه الكثير من الظلم بحق الرجل، ويقولون: إذا كان العونيون يشكون من القدرة على التعايش مع «البيك البيروتي» فكيف يمكن لهم التعامل مع غيره من رؤساء الحكومات؟ والمقصود بهذا الكلام أنّ الرجل يفيض تهذيباً ودبلوماسية وقدرة على تدوير الزوايا واحترام الآخرين…

ويسأل هؤلاء: هل ما يقوم به العونيون من تصرفات استفزازية لقائد الجيش جان قهوجي، يساعد على ايصال العميد شامل روكز الى رأس المؤسسة العسكرية؟ وهل اقرار الجنرال ميشال عون بأنه في تحالف وجودي مع «حزب الله» يفتح له أبواب التوافق أم يغلقها بوجهه؟

ومع ذلك، يؤكد هؤلاء أنّ المشكلة ليست مع «التيار الوطني الحر»، ولا يريد «تيار المستقبل» تحويلها بهذا الاتجاه، لهذا كان خطاب سعد الحريري استيعابياً محاولاً الإمساك بالخيط القطني الذي لا يزال قائماً بين الفريقين، مع أنه معرض للانقطاع في أي لحظة.

ولهذا أيضاً لم تأخذ مبادرة الجنرال الأخيرة، القائمة على تعديل سلّم الاستحقاقات مانحة الأولوية للاستحقاق النيابي، مداها أو حقها في النقاش العلني بين القوى. بتقدير الفريق الأزرق فإن هذه المبادرة ولدت ميتة، ولا أمل لها أن تبصر النور طالما أن الظروف لم تنضج بعد لإعداد طبق الاتفاق اللبناني، وبالتالي فإنّ قلب الأولويات لن يساعد على اختراق الجمود الحاصل.

وينهي هؤلاء كلامهم بالإشارة الى أنه يكفي رصد مواقف القوى الحليفة للجنرال عون للتأكد من أنّ طرحه الأخير تبخر في الهواء، حتى قبل انطلاقه من الرابية.