IMLebanon

الحريري وجنبلاط يرديان «النسبية».. وبري يتفهّم

«المختلط» أمام فرصة أخيرة.. قبل توزيع «جوائز الترضية»

الحريري وجنبلاط يرديان «النسبية».. وبري يتفهّم

يضغط قانون الانتخاب على الجميع، وهو سيتضاعف حكماً بعد إنجاز الطبخة الحكومية.

كلام الرئيس سعد الحريري بعد إعلان مراسيم حكومته يفترض أن يكون مُطَمْئِنًا لكثر، فهو اعتبر أن أولى مهمات «حكومة الانتخابات»، ستكون «الوصول إلى قانون جديد للانتخابات، يراعي النسبية وسلامة التمثيل، لتنظيم الانتخابات النيابية في موعدها منتصف العام المقبل»..

كلام الحريري لم يَلقَ قبولا عند النائب وليد جنبلاط. لم يُخفِ الأخير يوماً نفوره من النسبية، تماماً كما لم يُخفِ، أمس، تساؤله: «من أين خرج فجأة الشعار بضرورة قانون انتخابي يؤمن سلامة التمثيل».

عبر «تويتر» صباحية، وضع الجميع أمام حدودهم. قال لهم إن التنازلات الحكومية لا تسري على قانون الانتخاب. أما عدالة التمثيل التي تحدث عنها الحريري، فليست في المنظور الجنبلاطي سوى استهداف شخصي له، ناصحاً بعدم التطبيل والتنظير للنسبية، ومركّزاً على الخصوصية الدرزية التي يريد تحصينها من خلال التأكيد أنه «لسنا بقطيع غنم لِيُسَلِّمَ مصيرَه وسط هذه الغابة من الذئاب».

نظراً للتجارب السابقة، سيكون من الصعوبة بمكان إيجاد من يقتنع بأن الطبقة السياسية، وفي طليعتها «الترويكا» الرئاسية جادة في مسعاها لاستبدال قانون «الستين» بقانون جديد.

ما هي المهلة التي يُفترض أن يُقر خلالها القانون من دون أن يتأثر موعد إجراء العملية الانتخابية؟

«لقد تأخرنا»، يقول من يدرك أن الوقت لم يعد في مصلحة الحالمين بالتغيير، لكن العاملين على خط مجموعة التواصل، يتوقعون أن ينجز الاتفاق خلال فترة شهر كحد أقصى.

أما التوجه الذي يفترض أن تسير فيه النقاشات بين أعضاء المجموعة، فيرتكز على الطروحات الآتية: النسبية الكاملة، المختلط، ونظام المرحلتين (التأهيل على أساس طائفي أكثري ثم انتخاب وطني نسبي في المحافظات).

انتهى النقاش باعتماد النسبية، بفعل الواقعية السياسية، مدفوعة ببطاقة حمراء من جنبلاط وبإشارة واضحة من بري أن «الوصول الى النسبية الشاملة متعذر في الوقت الحاضر». كذلك يبدو أنه لن يتأخر الوقت قبل إسقاط النقاش بنظام المرحلتين المتفق عليه بين بري و «التيار الحر»، لوجود أكثر من إشكالية في تطبيقه.

يبقى النظام المختلط، أقصى ما يمكن أن يقدّمه جنبلاط. ينسجم ذلك وقول بري بصعود السلم درجة درجة. وكان لافتا للانتباه تأكيد كتلة «المستقبل» أمس تمسكها بمشروع القانون المختلط كصيغة مرحلية على طريق النسبية («صيغة مرحلية قابلة للتطبيق إلى أن تزول سلطة وسيطرة منطق السلاح الميليشياوي»).

في النظام المختلط، يبرز اقتراحان لا ثالث لهما، الأول مقدم من الرئيس نبيه بري (64 * 64) والثاني من «الاشتراكي» و «المستقبل» و «القوات» (68 * 60)، لكن الإثنين لم يتمكنا من خرق جدران المعارضين لكل منهما. ولذلك، فإن التوجه ينصّب على البحث عن مختلط ثالث يركّز على توحيد المعايير، وإن يبدو أنه سيكون أقرب إلى اقتراح بري، مع بعض التعديلات، انطلاقاً من أنه الأقرب إلى وحدة المعيار، بعكس مشروع «14 آذار» الذي اعتبره بري مفصّلاً لتأمين فوز قوى 14 آذار مسبقاً.

ولأن هذا النقاش سبق أن كان محور اجتماعات «لجنة التواصل النيابية»، ثم اللجان النيابية المشتركة، ولم يتم التوصل فيه إلى نتيجة، فإن «مجموعة التواصل» ستكون أمام اختبار قدرتها على إثبات صدقية الكتل النيابية في سعيها لإقرار قانون جديد.

أما آلية العمل، فصار محسوماً أنها لن تستعيد تجربة الاجتماعات الجامعة التي كانت تجريها «لجنة التواصل»، بل سيتم اعتماد صيغة اللقاءات الثنائية والثلاثية، إلى حين تبلور فكرة أولية يمكن البناء عليها لعقد المجموعة لاجتماع أو اثنين في نهاية المشاورات.

ماذا لو كانت النتيجة هي الفشل، برغم كل الزخم الذي يشهده الملف؟

عندها، يجري الحديث عن أكثر من «جائزة ترضية»، تعوّض فشل السلطة في إنتاج قانون جديد. ومن يتابع المؤتمرات التي تجري بين الحين والآخر، يستنتج أن التركيز الأوروبي ينصب على أمرين: احترام المواعيد الدستورية للانتخابات وإقرار الإصلاحات الضرورية لتعزيز شفافية وديموقراطية العملية الانتخابية.

وإذا كان النظام الانتخابي هو أبرز الإصلاحات، فإن ثمة من يرى أن الفشل في الاتفاق بشأنه لا يجب أن يحجب الإصلاحات الباقية. وفيما يبدو ان هنالك شبه إجماع في ما يتعلق بضرورة وجود هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات، فإن تخفيض سن الاقتراع دونه اعتراضات كبيرة، ستكون كافية لإجهاضه. إلا أن المفارقة أن «الكوتا» النسائية، وبعكس المواقف المعلنة منها، ليست أفضل حالاً من تخفيض سن الاقتراع.

ولا يحجب موقف الحريري الداعم لـ «الكوتا»، حرج كتل مختلفة بعدم القدرة على المجاهرة برفضها لـ «الكوتا» النسائية، لما تشكّله لها من إرباك داخلي، ناتج عن غياب الكوادر النسائية في الأحزاب. وحده «حزب الله» يعلن موقفه الصريح الرافض لـ «الكوتا»، وإن كان يغلّفه بموقف مبدئي يشير فيه إلى أن «الكوتا» تحد من الخيارات الديموقراطية للناخب، معتبراً أن الأولوية تبقى لتفعيل الآليات الداخلية في الأحزاب لتعزيز حضور المرأة.

ماذا يبقى؟

ثمة من بدأ يهمس ببدائل تخديرية في حال عدم الاتفاق على قانون انتخابي جديد في الفترة المقبلة. أما أبرزها، فهو تشذيب «قانون الستين»، من خلال تعديلات تساهم في تفعيل الصوت المسيحي، كنقل المقعد الماروني من طرابلس إلى البترون، أو ضم بعض القرى السنية في قضاء زحلة إلى البقاع الغربي أو نقل مقعد البقاع الشمالي الماروني إلى بشري…