IMLebanon

الحريري ورسائل الخطاب المهم

قد يكون الخطاب الذي ألقاه الرئيس  سعد الحريري، في بيت الوسط يوم السبت الماضي أحد أهم ما قاله في الآونة الأخيرة. ونحن نكتب هذا الكلام قبل إطلاعنا على خطاب الافطار الرابع الذي أدلى به يوم أمس الأحد في إطار سلسلة إطلالاته المركزية (من بيروت) والمناطقية في هذا الشهر الفضيل.

قال الحريري، في جملة ما قال وطرح من أفكار ومواقف: «أنا المسؤول عن فتح باب ترشيح سليمان فرنجية (…) وذلك بعكس المزاج الشعبي لتيار المستقبل، لكسر الحلقة المفرغة، ولكن من دون نتيجة حتى الآن، فاصطدمنا بالحلفاء والخصوم، وبقي الفراغ، وبقيت المخاطر السياسية والإقتصادية تتراكم أمام اللبنانيين (…) قد يبدو للكثيرين أننا أمام طريق مسدود، ولكنني لا أعترف بوجود طرق مسدودة إذا تعلق الأمر «بمصلحة لبنان والدفاع عن المؤسسات الشرعية» (إنتهى الإقتباس من الخطاب الافطاري الثالث).

طبيعي أننا لسنا وحدنا من استوقفه هذا الكلام البالغ الأهمية… وهو لم يصدر كي يمر عابراً. فهو رسالة في إتجاهات عدة بعث بها سعد الحريري الى «من يعنيهم الأمر» . وهم كثر في البيت المستقبلي، وفي الأصدقاء، وفي الخصوم، وفي المرشحين الرئاسيين، وتحديداً في ما يتناول المرشح الرئاسي سليمان بك فرنجية .

الرسالة الأولى الى الجميع: «أنا المسؤول» . قالها الحريري مباشرة من دون لف أو دوران. ومن يريد أن يحاسب فليحاسبني. ومن يريد أن يلوم فليلمني، ومن له مأخذ أو حساب فالمأخذ عليّ والحساب عندي. وهذا التحمل للمسؤولية يشير، بشكل أو بآخر، الى أنّ بعض ما تسبب بالأزمة الأخيرة لم يشأ أن يتنصل منه الحريري. وفي أي حال هي رسالة تنم عن شجاعة في تحمل المسؤولية. وهذه شهادة للرجل وليست شهادة عليه!

الرسالة الثانية: حصر المسؤولية بنفسه عن ترشيح فرنجية. وفي هذا دفع لكثير من القال والقيل ومحاولة لقفل باب النقاش في هذه النقطة. وطبعاً رفع «المسؤولية» ، أياً كانت، عن القوى الدولية والإقليمية التي أشار اليها وزير الداخلية نهاد المشنوق في كلامه الكبير والمهم الذي أدلى به الى التلفزيون، وأثار تلك العاصفة الكبيرة.

الرسالة الثالثة: الى جمهور تيار المستقبل بقوله إن ترشيحه فرنجية جاء «بعكس المزاج الشعبي لتيار المستقبل». وهو كلام له وجهان متكاملان كوجْهَيْ العملة الواحدة. الوجه الأول: القرار لي (…) والوجه الثاني: الإعتراف بأن القرار كان مؤذياً لصاحبه على صعيد القاعدة الشعبية التي يسبح فيها الحريري و»المستقبل»  على حد سواء.

الرسالة الرابعة: الى الحلفاء والخصوم، لذلك جاء اعتراف الحريري بأن هذا القرار كان تقديره خاطئاً باعتراف الرجل غير المباشر. لأن الهدف منه كان محاولة «كسر الحلقة المفرغة» . فماذا كانت النتيجة؟ الجواب جاء من الشيخ سعد مباشرة وفوراً: «ولكن من دون نتيجة حتى الآن… فاصطدمنا بالحلفاء والخصوم وبقي الفراغ وبقيت المخاطر تتراكم (…)» . وتلك كانت الرسالة الى الحليف المستجد سليمان بك الذي وصلته، في تقديرنا، من قبل أن يعلنها الشيخ سعد، بدليل أنه قال، في لقاء تلفزيوني ايضاً، وقبل أيام:  إنه يُحِلّ الشيخ سعد من أي التزام إذا وجد ضرورة لتأييد الجنرال ميشال عون.

الرسالة الخامسة: الى الداخل والخارج: «لكنني لا أعترف بطرق مسدودة إذا تعلق الأمر بمصلحة لبنان والدفاع عن المؤسسات الشرعية».

فهل بدأ البحث في الترشيح الخامس؟ وهل يكون الجنرال ميشال عون أم أي مرشح آخر؟ وهل بات مأذوناً للقوم في الداخل (من 8 ومن 14) أن يتوافقوا، في معظمهم، على مرشح رئاسي ليكسروا جدار المستحيل؟!

علّ وعسى… وللبحث صلة.