نقطتان تناولهما الرئيس سعد الحريري في إطلالته التلفزيونية الخميس الماضي، توقف عندهما السياسيون والمتابعون في طرابلس طويلاً.
الأولى تتعلق بإبدائه الاستعداد لاستقبال الرئيس نجيب ميقاتي في منزله بوادي أبو جميل، من دون أن يردّ على سؤال عمّا إذا كان مستعداً لزيارته.
ولأن الترحيب الحريري بميقاتي كان “أبرد” من أن يكسر الجليد المتراكم بينهما، لاقى الأخير رئيس تيار المستقبل في منتصف الطريق، فأكّد في احتفال أقيم برعايته في عاصمة الشمال يوم الجمعة أن “بيوت طرابلس مفتوحة ترحب بكل أخ عزيز، ويدنا ممدودة للتعاون مع الجميع”، رداً على قول الحريري إن “منزل رفيق الحريري السياسي أو العائلي كان مفتوحاً لكل الناس، وأنا أقوم بهذا الدور”.
مصادر مقربة من ميقاتي أكّدت أنه “يرحّب باللقاء مع رئيس تيار المستقبل، لكنه لن يزوره في منزله أبداً. وإذا كان الحريري يشترط لانفتاحه على الجميع في الطائفة السّنية أن يزوروه ويسلموا بزعامته، فهذا ما لن يفعله ميقاتي”. وأوضحت أن تيار المستقبل “هو التيار السياسي الأكبر على الساحة السنية، لكنه ليس الأوحد”، أما إعلان الحريري انفتاحه على بقية فرقاء الطائفة السنية، “فليس كاملاً. إذ إنه منذ عودته إلى لبنان، زار النائبين سامي الجميّل وإيلي ماروني وآل سكاف في زحلة وغيرهم، إلا أنه لم يكلف نفسه عناء زيارة أي شخصية سياسية سنية. ولهذا لن نزوره إلا إذا زارنا أولاً، أو يكون اللقاء في مكان محايد”.
أما النقطة الثانية التي توقف عندها المتابعون، فهي إعلان الحريري تأييده التوافق في الانتخابات البلدية في طرابلس وبيروت وصيدا، وأن “يكون هناك رئيس لبلدية طرابلس يوافق عليه الفرقاء السياسيون”، معترفاً بأن “تجربة المحاصصة في البلدية فاشلة”، ومعلناً “أننا نعمل على ذلك مع ميقاتي والنواب محمد الصفدي ومحمد كبارة وسمير الجسر والوزير السابق فيصل كرامي وكل الفرقاء الآخرين”.
أوساط ميقاتي: يرحّب باللقاء مع الحريري لكنه لن يزوره في منزله
اعتراف الحريري بفشل تجربة المحاصصة لاقاه أيضاً اعتراف ميقاتي بالخطأ ذاته، معلناً أنه “ضد التوافق الذي يكرر تجربة الانتخابات الماضية”، ومقترحاً “الاتفاق على اختيار شخصية مؤهلة لرئاسة البلدية، وأن يترك له حرية اختيار فريق عمله، مع إمكانية إعطائنا الحق في وضع فيتو على شخص معين، لا فرض شخص آخر على اللائحة”. هذا “التطابق” في تشخيص أزمة المجلس البلدي في طرابلس، قد يكون نقطة الالتقاء الوحيدة بين ميقاتي والحريري، التي يمكن أن تكون مدخلاً لإنهاء القطيعة بينهما.
غير أن مصادر سياسية مطلعة قالت لـ”الأخبار” إن الحريري “مقتنع بانفتاحه على معارضيه في الطائفة السّنية، ولو بالتدريج، بعدما تبين له أنه غير قادر على إلغائهم، لأن لهم حيثيات سياسية وشعبية لا يمكن تجاوزها، ولأن تعاونه معهم، ولو بالحد الأدنى، يوفر عليه وعليهم وعلى البلد الكثير من المشاكل، ويقطع الطريق أمام قوى التطرف والتشدد لاستغلال انقسام الطائفة السّنية من أجل تنفيذ أجنداتها الخاصة”. ولفتت المصادر إلى أن الحريري “تنبّه لخطورة هذا الأمر بعدما بلغه أن شخصيات وجهات، بعضها مقرب منه، تحاول توتير الأجواء الأمنية مجدداً، وإعادة تشكيل مجموعات مسلحة، وأنه ردّ برفضه القاطع حصول مثل هذا الأمر، وقال لمن فاتحه بهذا الموضوع بحزم شديد: يلي بدو يلعب بالأمن بدّي أقصف عمره”.