كانت معبِّرة مسألة مشاركة رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع شخصياً في ذكرى استشهاد محمد شطح.
في الأَحوال العادية كان يمكن لهذه المشاركة أن تكون عادية ولا تستحق أيَّ ذكر، ولكن في الظروف التي تشهدها البلاد اليوم، والمخاض الذي تمر فيه قوى 14 آذار، والرهان على تصدُّعها وسقوطها، فإنَّ هذه المشاركة جاءت لتؤكِّد أنَّ وحدة 14 آذار فوق كل اعتبار.
جاءت خطوة الدكتور جعجع لتلاقي في منتصف الطريق ما غرَّد به الرئيس سعد الحريري على تويتر، من أننا سنبقى أوفياء لوحدة 14 آذار التي عمل عليها الشهيد محمد شطح، وسنواصل التمسك بالعدالة إنصافاً له ولجميع شهداء ثورة الأرز.
مَن نظر إلى المشهد داخل جامع محمد الأمين في وسط بيروت في ذكرى إستشهاد محمد شطح، توصَّل إلى الإستنتاجات التالية:
التباينات داخل قوى 14 آذار هي حالة عرضية وعابرة، فما يجمع أكثر وأكبر مما يُفرِّق، 14 آذار هي روح المليون مواطن لبناني الذين نزلوا إلى الأرض رفضاً للمهانة والإغتيالات، ومن أجل وطن تستحقه الأجيال المقبلة. وحين يتمُّ إنعاش الذاكرة لهذه الأهداف فإنَّ الحسابات الضيِّقة تسقط لمصلحة الحسابات الكبيرة التي يُدركها الرئيس سعد الحريري جيِّداً، وهي حسابات تقوم على المحافظة على الطائف الذي هو عِماد النظام، فلا نظام من دون الطائف، والطائف يترنّح من دون النظام، هذه هي الثنائية السحرية التي لا يعرفها كثيرون، وإذا عرفوها فإنهم لا يتصرفون وفقها.
إنطلاقاً من هذا المعطى فإنَّ الرئيس الحريري تحرَّك ويتحرَّك وسيبقى يتحرّك، فإذا نجح يكون قد سجَّل لنفسه وللوطن أنّه أنقذ البلد من التهلكة التي وقع فيها، وإذا لم ينجح في مسعاه، لا سمح الله، يكون قد كشف كلَّ اللاعبين المعرقلين، خصوصاً أنَّ إنقاذ البلد ليس جهداً فردياً بل هو جهدٌ جماعيّ عام.
ربما من هذا المنطلق يسعى الرئيس نبيه بري إلى التمسك بحركة زعيم تيار المستقبل، وهو لأجل ذلك اعتبر أنَّ مبادرة ترشيح الرئيس سعد الحريري للنائب سليمان فرنجيه لرئاسة الجمهورية لا تزال حيّة، وباتت المشكلة شأناً داخلياً والخارج لا يعارضها، وهي تلقى الدعم المطلوب من السعودية. والمطلوب من جميع القوى معالجة هذا الملف والإسراع في إنتخاب رئيس للبلاد.
هذا الموقف هو بمثابة النداء، كذلك هو رسالة إلى مَن يعنيهم الأمر، فإذا كان الرئيس بري والرئيس الحريري والنائب جنبلاط ونواب مستقلون، مؤيدين هذه الحركة، فهل من الصعب اكتشاف المعرقلين الداخليين؟
واستطراداً، إلى متى سيبقون قادرين على هذا الإعتراض؟