Site icon IMLebanon

الحريري والكتلة… و«ربط النزاع» مع «حزب الله»

    تهدئة الخطاب وخلاف حول الشأن الإقليمي لا الداخليط

لم يكن من عاقل يتوقع ان يسمع الرئيس سعد الحريري من الرئيس الاميركي دونالد ترامب إطراء او مدحاً لـ« حزب الله» او على الاقل تجاهلاً له، في ظل الحملة المحمومة التي يقوم بها اللوبي الصهيوني ضد الحزب وايران في كل زوايا الادارة الاميركية وفي كل المنتديات، ومن الخطأ تحميل رئيس الحكومة وزر موقف ترامب الحاد من «حزب الله»، او مطالبته بالرد عليه، فلا الموقع يسمح ولا البروتوكول ولا المعرفة الموضوعية الدقيقة بالسياسة الاميركية حيال منطقة الشرق الاوسط، والتي تعتبر ان الكيان الاسرائيلي هو الاول المتقدم على كل الدول العربية لأسباب سياسية واقتصادية واستراتيجية معروفة منذ نشوء الكيان قبل سبعين عاماً.

ومن الخطأ ايضاً الاعتقاد ان الرئيس الحريري كان قادراً خلال محادثاته مع كبار مسؤولي الادارة الاميركية والكونغرس والبرلمان، ان يؤثر في الإجراء الاميركي المنوي اتخاذه حيال لبنان ومصارفه – اياً كان حجمه وشكله – لكن رئيس الحكومة سعى حسب المعلومات المنقولة من واشنطن الى عدم توسيع «بيكار» هذه الاجراءات لتطال شرائح لبنانية واسعة بحجة التعامل او التعاطف او التحالف مع «حزب الله».

ويُسجل للرئيس الحريري إنه اعتمد خطاباً تهدوياً من واشنطن تجاه الحزب، ولو انه سجل الموقف المبدئي المعروف من الحزب ودوره في سوريا، وحتى من المعركة التي خاضها لطرد إرهابيي «جبهة النصرة» من جرود عرسال ومحيطها، ومن الطبيعي ان يقول الحريري – ومن واشنطن ايضاً- انه كان يفضل لو ان الجيش اللبناني هو من قام بعملية تحرير الجرود.

وتقول مصادر حكومية ان مسؤولية الحريري كرئيس حكومة تضم «حزب الله» وقوى حليفة له، تمنعه حالياً من الادلاء بمواقف سياسية داخلية غير مدروسة تصعيدية قد تتسبب مشكلات وتجاذبات داخل الحكومة قد تؤدي الى تعطيلها، لكنه في الوقت ذاته لا زال يقيم «ربط النزاع» بينه وبين الحزب، على قاعدة الخلاف حول الامور الاقليمية وليس الامور الداخلية.

كما تعتبر مصادر متابعة لموقف «كتلة المستقبل» ان البيان جاء في توقيت سياسي اقليمي يراعي توجه الكتلة في عملية «ربط النزاع» مع «حزب الله»، بحيث انها اعتبرت ان قتال الحزب في جرود عرسال «هو استمرار وامتداد لقتاله في سوريا، ولخدمة المشروع الايراني في المنطقة».

لكن مصادر خصوم الرئيس الحريري ترى انه كان بإمكانه على الاقل لجم كتلته النيابية عن إصدار البيان الذي أصدرته خلال إجتماعها برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة وبغياب الحريري، والذي يذكّر هذه القوى المؤيدة للمقاومة بموقف الرئيس السنيورة إبان حرب تموز 2006 حيث تبرأ من المقاومة، وخاض في عز الحرب معارك سياسية طاحنة ضد المقاومة وبدعم اميركي مباشر بوجود وزيرة الخارجية انذاك كونداليسا رايس، التي كانت تروّج وقتها لما وصفته «الشرق الاوسط الجديد المبني على الفوضى الخلاقة»، والتي تحولت بعد العام 2011 الى فوضى هدامة ضربت سوريا والعراق وليببا وتونس وهي الان تضرب مصر، وكادت تضرب الجزائر.

وترى المصادر ان «كتلة تيار المستقبل» في اجتماعها الاخير، قد تكون فهمت كلام الرئيس ترامب على نحو خاطئ واتخذت الموقف الخطأ، فذهبت الى حد المطالبة بنشر القوات الدولية على كامل الحدود الشرقية والشمالية، وهو المطلب الذي رفعته «قوى 14 اذار» في حرب تموز وسقط بسقوط مشروع رايس في لبنان وبهزيمة اسرائيل، وطوي البحث فيه بعد الحرب وبعد إعادة تشكيل حكومات وفاق وطني، لم تكن على وفاق سياسي تام لكنها كانت على توافق بإعادة الاستقرار الامني والسياسي والاقتصادي الى لبنان.

وتستغرب المصادر مسارعة «كتلة المستقبل» الى التصويب السياسي الحاد على الحزب وحول امور كبيرة مختلف عليها، وفي خضم المعركة العسكرية ضد الارهاب والتي قد يستكملها الجيش قريباً ضد مسلحي «داعش» في رأس بعلبك والقاع، ما يستوجب اعلى درجات التماسك الداخلي، خاصة ان إحياء مثل هذه المواقف الان، لا تخدم حالة الاستقرار الداخلي بل تضر مسيرة العهد والحكومة.

وتشير المصادر الى ان الرئيس الاميركي كان يوجه من خلال موقفه ضد «حزب الله» رسالة تطمين ودعم الى اسرائيل وليس الى الداخل اللبناني، الذي لا يبدو ان الرئيس الاميركي يهتم به كثيرا ولا باستقراره السياسي بقدر ما يهتم باستقرار الكيان الاسرائيلي وحمايته.