Site icon IMLebanon

عن الحريري.. وتعقيدات العودة إلى الحكومة

مبادرة «التسوية الشاملة» سارية المفعول

في خطاب «يوم الشهيد» في 11 تشرين الثاني الماضي، طرح السيد حسن نصرالله مخرجا من الازمة الراهنة، عبر تسوية سياسيّة شاملة، تتولد عن حوار حول رئاسة الجمهورية والحكومة وتركيبة الحكومة ورئيسها ومجلس النّواب وقانون الانتخابات النيابية.

وعلى مسافة اسبوع من مبادرة نصرالله، ظهرت من اللقاء الباريسي بين سعد الحريري وسليمان فرنجية خيوط «مبادرة حريرية»، لما سميت ايضا «تسوية سياسية شاملة» عنوانها سليمان فرنجية رئيسا، والحريري «رئيسا لحكومات العهد»، مع دفتر شروط اضافية طرحها الحريري وبقيت طي الكتمان.

مبادرة نصرالله، التي مازالت قائمة، فتحت الباب على التوافق، واللافت فيها ان الشق المتعلق بمجلس الوزراء، كان يعني ضمنا ان لا «فيتو» على سعد الحريري، انطلق السيد في مبادرته من ان هناك ازمة خطيرة باتت تتطلب حلولا سياسية سريعة، فالبلد على كف عفريت.

واما مبادرة الحريري، فجاءت لتقطع الطريق على مبادرة نصرالله. المؤيدون اعتبروها فرصة انقاذ قد لا توفرها مبادرة نصرالله، كما لا يوفرها حوار جديد لأن سلسلة الحوارات التي جرت في السابق اثبتت عدم قدرتها على نسج توافقات جذرية او تفاهمات على ابسط الامور، فكيف على مسائل لها علاقة بالنظام والسلطة والحكم والشراكة ومصير البلد؟

فوجئ الحريريون باعتراض «8 آذار»، فطرح الحريري يعيد الحياة الى الدولة ويعطي «8 آذار» أكثر مما يرغب به «حزب الله» وحلفاؤه. لا يفهم هؤلاء اعتراض «حلفاء فرنجية» الا امعانا في التعطيل لا اكثر. ومن هؤلاء من يسأل: لماذا لا يريدون فرنجية؟ ولماذا استفزهم حواره مع الحريري، بينما كانوا في ما مضى قابلين بحوار ميشال عون وسعد الحريري؟ ثم ما معنى طرح تحقيق تسوية سياسية شاملة، ويرفض في الوقت نفسه ان يكون الحريري رئيسا للحكومة؟

المتحفظون على مبادرة الحريري، يرون في مواقف اهلها تبسيطا للامور، وانبهارا بشكلها، وتسترا على مضمونها او تجاهلا له او جهلا به، واما خلاصة الموقف فهي كما يلي:

– لا اعتراض على فرنجية من حيث المبدأ.

– جوهر مبادرة الحريري «اعطيكم رئاسة الجمهورية تعطوني السلطة والقرار».

– عندما حاور عون الحريري، كان مسلحا بتفويض من «8 آذار» بأنه هو مرشح هذا الفريق.

– لم يذهب فرنجية الى الحوار مع الحريري مرشحا رئاسيا باسم «8 آذار»، بل عاد من اللقاء الباريسي مرشحا من قبل الحريري.

– لم يذهب فرنجية للقاء باريس مفوّضا بضمان عودة الحريري الى رئاسة الحكومة. والامر نفسه بالنسبة الى عون اذ لم يكن معه «توكيل» من فريقه يقبل بموجبه الحريري رئيسا للحكومة. والدليل انه في احد اللقاءات دار بينهما الحوار التالي:

الحريري: انت يا جنرال تريد ان تكون رئيسا للجمهورية، فلنفرض انني وافقت، ماذا تقدم لي في المقابل؟

عون: اعطيك رئاسة الحكومة.

الحريري مستغربا: انا حكما رئيس حكومة، فأنا رئيس تيار «المستقبل»، وزعيم الاكثرية (14 اذار)، وزعيم الاغلبية السنية. ما يعني انني رئيس الحكومة في اي عهد.

عون: انت مخطئ، برغم كل هذه المواصفات التي تقولها، لا تستطيع ان تعود الى رئاسة الحكومة، وانا الوحيد الذي يمكن ان يضمن لك سحب «الفيتو» عليك من قبل «حزب الله»، وبالتالي من حلفائه.

– ان مبادرة الحريري بنيت على اعتقاد بأن في مقدور الحريري أن يكون صانع رؤساء، وبأن رئاسة الحكومة حق مكتسب له يناله بلا تفاوض مع الفريق الآخر وساعة يشاء ووفقا لشروطه: «فرنجية رئيسا للجمهورية والحريري رئيسا لحكومات العهد كلها»، بالاضافة الى سلة شروط حريرية حول القانون الانتخابي والادارة والاقتصاد والمال وسوليدير والمحكمة وامور اخرى.. واكثرها طرافة «ممنوع تزور الاسد»!

هذا الاعتقاد، ليس صلبا، على حد تعبير قيادي كبير في «8 آذار»، خاصة وان لا «حزب الله» او أيا من حلفائه، بادروا الى الاعلان عن سحب «الفيتو» على عودة الحريري الى رئاسة الحكومة او القول بأن اسباب اقالته قد زالت.

واما شروط الحريري، يضيف القيادي المذكور، فقد تصلح من شخصية «غير متلهّفة» وتُلقى عليها التمنيات من كل حدب وصوب للقبول برئاسة الحكومة، وليس من شخصية أُخرجت من السلطة. وتريد العودة اليها بأي ثمن. وللتذكير عندما اسقطت حكومة الحريري في كانون الثاني 2011، عرض القطريون والاتراك على «حزب الله» وحلفائه القبول بعودة الحريري، مقابل تنازلات مغرية وعلى رأسها الغاء المحكمة الدولية، وتم رفض العرض. فكيف يستقيم هذا وذاك؟

– التسوية الشاملة تبقى الاساس، ولا يعني ان يقرر طرف ما يريده بمعزل عن الآخرين، التسوية الشاملة تعني جلوس فريق تفاوضي من «8 آذار» وفريق تفاوضي من «14 آذار» للتفاهم على كل شيء، «كلنا نعرف ان الحريري زعيم الاكثرية السنية والاذارية، ولكن من قال ان عودته الى رئاسة الحكومة ستتم من دون تفاوض مع 8 اذار؟ ومن قال ان عودته تتم بشروطه وليس بشروط حزب الله وحلفائه، خاصة ان الحزب والحلفاء يشعرون ان الميزان المحلي والاقليمي يميل لمصلحتهم. وبالتالي التفاوض على رئاسة الحكومة قد يفضي الى عودة الحريري، وقد يفضي ايضا الى التفاهم على رئيس حكومة توافقي غير الحريري، ربما من 14 آذار وربما من خارجها».