Site icon IMLebanon

الحريري و”معْمَعَة” الرئاسة

شاءَ بعض المتضرّرين أم أبوا، وجود الرئيس سعد الحريري في بيروت حرَّك الوضع السياسي والرئاسي من الجهات الأربع. وليس مستبعداً أن تُكمل المستجدّات دورتها، مما يضع لبنان فجأة أمام إنجاز عظيم طال انتظاره ما يقارب السنتين.

اللبنانيّون يصيحون مع الديوك، ويتجمَّدون أمام شاشات التلفزة منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان، بحثاً عن خبر جديد، عن تصريح مشجِّع، عن خطبة تحمل إشارة إيجابية، إنّما كمن ينتظر غودو تماماً وعلى مفرق لا يخطر في بال أحد. مع التأكيد أنّك قد أسمعت لو ناديت حيّاً، ولكن لا حياة لمن تنادي.

فالّذين قالوا “أنا أو لا أحد” وجدوا مَنْ شدَّ أزرهم، وشدَّ على أيديهم، وشجَّعهم على المضيّ قدماً في الـ”أنا” وتوابعها…

وصول سعد الحريري في الوقت المناسب إلى بيروت، وانتشار نشاطه الرئاسي على مستوى المرجعيّات المعنيّة مباشرة، نقل الاستحقاق الرئاسي من مقرّه في “قبع الأخفى” وأحضره للمرّة الأولى بين القيادات، وفي التداول. مع إصرار من الحريري على وجوب نفض الغبار عن الاستحقاق وطرحه كموضوع أساسي، وبمادة وحيدة، لا بدَّ من إنجازه وإزالة كل العراقيل والعقبات التي تمنع وصوله إلى قاعة الجلسات في مجلس النواب.

وبعدما أعلن الحريري في أكثر من مناسبة، وعلى الملأ، أن أحداً لا يمنع اللبنانيّين من انتخاب رئيس للجمهورية احتلَّ الفراغ كرسيه وقصره منذ عشرين شهراً، تشجَّع كثيرون وراحوا يعلنون، ويصرِّحون، ويؤكّدون أن أحداً على وجه الأرض لا يستطيع أن يحول دون قرار اللبنانيّين انتخاب رئيس.

علماً أن الأحاديث التلفزيونية، والتصريحات الهوائيّة، والبيانات المرصّعة بالأسماء والتفاصيل كادت تملأ فضاء لبنان طوال هذه الأشهر بالدول والأحزاب والقوى التي تضع العصي في دواليب الاستحقاق.

الآن تغيَّرت النبرة، وتغيَّرت الصورة، تبعاً لما أعلنه الرئيس الحريري الذي يؤكّد مخضرمون ومقرّبون أنّه يضع كل زخمه وثقله في كفّة الاستحقاق، باذلاً المزيد من الجهود مع الرئيس نبيه بري والنائب وليد جنبلاط، ومنفتحاً على مختلف القوى والأحزاب من أجل تذليل كل ما يعرقل عملية انتخاب الرئيس.

إن سعد الحريري لا يركض خلف رئاسة الحكومة. وليس هذا هو الهدف الذي نقله إلى بيروت، والذي يجعله يصل الليل بالنهار، إنّما هدفه الأوّل والأخير تذليل كل ما يعترض ويؤخّر الاستحقاق الرئاسي الذي لم يعد من الجائز تجاهل أخطاره وتداعياته بالنسبة إلى الجمهورية المتَعْتَعَة.

مع إشارة لا بد من تسجيلها هنا، كون رئيس “تيّار المستقبل” يريد التأكيد للمعنيّين بالوضع السياسي أنه ما جاء لينتقم، بل لينجز مهمّة صعبة، وليفتح يديه، وقلبه للتعاون مع كل من يرحّب بدعوته، إلى تحقيق الأمنية الرئاسيّة.