Site icon IMLebanon

طالما لم يعتذر الحريري فإن فرص تأليف الحكومة قائمة ولو تضاءلت

 

باسيل لن يصل في مشروعه إلى مكان.. و«الثنائي» أبلغاه تمسكهما برئيس «المستقبل»

 

 

إذا اعتقد الذين يقفون وراء تسريب الفيديو الذي يتهم فيه رئيس الجمهورية ميشال عون الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري بـ«الكذب»، أنهم بفعلتهم المشينة هذه، يريدون إحراج رئيس «المستقبل» لإخراجه، فإن محاولتهم باءت بالفشل، بدليل صمود الرئيس الحريري على مواقفه برفض التنازل عن تكليفه بتشكيل الحكومة، باعتبار أن الدستور لم يحدد أي مهلة لسحب التكليف، وهذا ما يجعله متمسكاً بهذه المهمة، عدا عن التأييد والتعاطف اللذين حظي بهما الرئيس المكلف من جانب العديد من القيادات السياسية والروحية، في مقابل تحميل العهد وفريقه السياسي مسؤولية وصول الأمور إلى ما وصلت إليه، برفض الموافقة على التشكيلة التي سبق وقدمها الرئيس الحريري إلى الرئيس عون، دون أن يحصل منه على جواب بشأن هذا التشكيلة، إيجاباً أم سلباً.

 

وإذا كان تسريب الفيديو المهين للرئيس المكلف، قد عمق الهوة بين الرئيسين عون والحريري وأظهر بوضوح انعدام الثقة بينهما، إلا أن الأخطر منه أنه جاء غداة الحملة الشعواء التي شنها صهر رئيس الجمهورية رئيس تكتل «لبنان القوي» النائب جبران باسيل على الرئيس المكلف، وما تطرق إليه من ملفات دقيقة وحساسة ليس الآن أوان طرحها، لا بل في دعوته إلى إعادة النظر بالنظام السياسي القائم، من خلال الدعوة لعقد مؤتمر تأسيسي لإنتاج نظام سياسي جديد على انقاض اتفاق الطائف الذي أوقف الحرب في لبنان وحقق الاستقرار والسلام. وهو ما رأت فيه أوساط سياسية مؤشراً بالغ الخطورة على النوايا الانقلابية التي تساور باسيل ومن خلفه الذين دفعوه إلى تبني هذه الخيارات المرفوضة من جانب السواد الأعظم من اللبنانيين.

 

وتسأل الأوساط هل أن رئيس الجمهورية الذي اتهم الرئيس المكلف بـ«الكذب»، يعلم مدى المخاطر التي يتسبب بها صهره «النجيب»، بدعوته إلى إعادة النظر بالنظام السياسي الذي دفع اللبنانيون أثماناً باهظة من أجل التوافق عليه بعد جولات وجولات من العنف على مدى سنوات طويلة؟. وأبعد من ذلك هل أن الرئيس عون موافق على كلام رئيس «الوطني الحر» الذي يشكل دعوة صريحة لإعادة انتاج حرب أهلية بين اللبنانيين، في وقت يجب أن تتضافر جميع الجهود من أجل إخراج البلد من النفق، وتالياً الابتعاد عن سياسة التحاصص وتوزيع المغانم في الحكومة الجديدة، لأن الشعب لم يعد قادراً على تحمل المزيد من المآسي، وإنما يريد الإسراع في تشكيل حكومة موضع ثقة اللبنانيين والمجتمعين العربي والدولي.

 

تسريب الفيديو المهين أظـهر انعدام الثقة بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف

 

وتعتبر الأوساط أن غباء الذين ورطوا رئيس الجمهورية بهذا الفيديو ــ الفضيحة، قدم خدمة كبيرة للرئيس المكلف الذي لا يمكن أن يقبل بممارسة الضغوطات عليه، لا من الرئيس عون ولا من الآخرين، الأمر الذي سيدفعه في نهاية المطاف إلى تشكيل الحكومة التي وضع معاييرها منذ لحظة تكليفه، حكومة اختصاصيين غير سياسية، مدعوماً من معظم القوى السياسية التي تراه الشخصية المؤهلة أكثر من غيرها لترؤس الحكومة العتيدة. وهو ما أبلغه «الثنائي الشيعي» إلى رئيس الجمهورية والنائب باسيل. وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن هذا الأخير لن يصل في مشروعه التخريبي إلى مكان، باعتبار أن الرئيس المكلف كان حاسماً وحازماً في آن بأنه لن يسلم للعهد وحلفائه بالشروط التي يحاولون تطويقه بها.

 

وتشدد على أن دفتر شروط المبادرة الفرنسية ما زال على الطاولة، وهو ما يصر الرئيس المكلف على الالتزام به لتشكيل حكومته، مشيرة إلى أنه طالما أن الرئيس الحريري لم يعتذر بعد تسريب شريط الفيديو، فهذا يعني أن فرص التأليف ولو تضاءلت إلى ما دون الصفر الآن تبقى قائمة، وإن أفصح رئيس الجمهورية في أكثر من مناسبة أنه لا يريد الرئيس الحريري. ولا شيء يمنع أن تتحسن العلاقة مجدداً بين «بعبدا» و«بيت الوسط»، بعد استلام الإدارة الأميركية الجديدة، وما استحال اليوم قد يتحقق غداً.

 

ولفتت إلى باسيل مستاء من موقفي «حزب الله» وبكركي، لأنهما لم يتبنيا طروحاته من رفضه الحريري، إذا لم يأخذ بالاعتبار تنفيذ شروطه. ولهذا فإن الأمور وإن كانت شديدة التعقيد إلا أنها ليست مقفلة بالكامل، ما قد يفسح في المجال أمام عودة الاتصالات في الملف الحكومي، خاصة بعد الموقف اللافت الذي صدر عن تكتل «لبنان القوي» الذي دعا الرئيس المكلف إلى معاودة الاتصال برئيس الجمهورية للبحث مجددًا بالملف الحكومي، وسط حديث عن تدخل لـ«حزب الله» لإعادة ترطيب الأجواء ووصل ما انقطع بين عون والحريري، من أجل تشكيل حكومة تشكل مخرجاً إنقاذياً للجميع.