IMLebanon

الحريري في القصر: الثالثة ثابتة؟

لا يتوقّع سعد الحريري مصيراً مشابهاً لما بعد تكليفه في ايلول 2009. فهل تكون الثالثة «ثابتة» لرئاسة حكومة أكثر أمانا واستقرارا؟

وقف الحريري أمس الى جانب فؤاد السنيورة وهو يسّميه رئيسا للحكومة، محاطاً بأعضاء «كتلة المستقبل» ناقصة خالد الضاهر المتأخّر بسبب «عجقة السير» وأحمد فتفت المغرّد خارج السرب، وهو مدرك أن «تقليعة» الحكومة لن تكون مفروشة بالورود لكنها بالتأكيد لن تنتهي بإسقاطها من الرابية!

في 27 حزيران 2009 كلّف الحريري تشكيل الحكومة بأكثرية 86 صوتا هي الحصيلة التي نالها فقط في اليوم الأول من الاستشارات الإلزامية، أمس، لكن تعثر التأليف على مدى أكثر من ثلاثة أشهر قاده الى الاعتذار، ليكلّف مرة جديدة في ايلول 2009 بأكثرية 73 صوتا فقط.

كتلة الرئيس نبيه بري صوّتت للحريري في المرّة الاولى، مع امتناع «حزب الله» وميشال عون عن تسميته. في التكليف الثاني حجبت عين التينة أصواتها، فيما حصل الرئيس المكلّف على صوتين فقط من أصوات المعارضة، هما لنائبَي «الطاشناق».

بعد اجتماعه مع الرئيس ميشال سليمان وقتذاك، أعلن الحريري ان «دفتر الشروط الذي وضعوه في مرحلة التكليف الاولى قطع الطريق على قيام حكومة وحدة وطنية»، الامر الذي قاده الى العمل على «تحقيق أوسع مشاركة وطنية على قاعدة الحوار».

لا يتمنّى سعد الحريري اليوم أكثر من ذلك، مع توجّسه من دفتر شروط جديد. عدم التسمية من جانب «حزب الله»، يبدو أمرا مسلّما به من جانب «بيت الوسط» مع «رهان مضمون» على تسمية بري للحريري.

مصادر الحريري تقول إن لقاء نادر الحريري والوزير علي حسن خليل مؤخرا ذلّل العديد من العقبات، «ولا نزال نعمل على تقصير هامش التباعد بيننا وبين الرئيس بري مع تسليمنا بأن أية عرقلة ستكون بوجه العهد الرئاسي برمّته لا بوجه الحريري فقط».

بالتزامن مع بدء الاستشارات النيابية الملزمة، كان القصر الجمهوري يعكس في كثير من جوانبه مراحل الخروج النهائي من «عهد الشغور» لتثبيت صورة العهد الجديد.

فقد تعوّد الرئيس على «نومة القصر» بعدما زاره القلق في الليلة الاولى. مارس هواية المشي الصباحي، تناول ترويقته الرئاسية وتابع بعض التقارير والمقالات واستعدّ لجدول استقبالات الاستشارات النيابية. ويبدو أن لا كيمياء بين الرئيس ميشال عون و «البروتوكول»، حيث يجهد الاول للانضباط تحت سقف ضوابط جديدة تفرضها موجبات الرئاسة الاولى.

الفترة الانتقالية فرضت وجود قائد لواء الحرس الجمهوري العميد وديع الغفري بلباسه العسكري وقائد لواء الحرس الجمهوري العميد سليم الفغالي «بالمدني» معا في بهو القصر. تعاون وتنسيق بين «الجنرالين» قبل ان يستلم الاخير رسميا مهامه بعد أقل من أسبوع.

مثلهما حضر مدير التشريفات والمراسم الحالي في القصر الجمهوري لحود لحود والدكتور نبيل شديد الأستاذ في كلية الاعلام الذي يتوقع ان يحلّ محل لحود قريبا، حيث كانا يواكبان معا قبل الظهر، لحود الى اليسار وشديد الى اليمين، دخول رؤساء الحكومات السابقين الى مكتب الرئيس، مع العلم ان مركز نائب مدير التشريفات شاغر حاليا.

باستثناء تأجيل كتلة «حزب الله» موعد الاستشارات الى اليوم وانضمام النائب بلال فرحات فجأة اليها، لم ينته اليوم الاول بأي مفاجآت من خارج السياق. الإجماع على الحريري كان حصيلة يوم الاستشارات الاول باستثناء تمنّع «البعث» عن التسمية و «إيداع» الحزب القومي موقفه لدى رئيس الجمهورية، مذكّرا بتجربة الرئيس رفيق الحريري مع اميل لحود في العام 1998.

الوزير جبران باسيل الذي صار له مكتبه الملاصق لمكتب الرئيس، يدخل صباحا مع ميراي ابنة ميشال عون، الى القصر ويلاقيهما نادر الحريري حيث اجتمعوا سوية لنحو نصف ساعة قبل أن يأتي الرئيس سعد الحريري ويصطحب معه نادر الى الخارج، ثم يدخل مجددا برفقة النائب عقاب صقر بعدما اكتمل نصاب «كتلة المستقبل» استعدادا للقاء مع عون.

تَرَك الحريري التسمية بالطبع للرئيس السنيورة بحيث لم يدل بأي تصريح ولم يسمّ نفسه بعد لقائه رئيس الجمهورية بصفته رئيسا سابقا للحكومة.

وأدى نقل «حزب الله» موعده مع الرئيس الى اليوم الى «خربطة» في مواعيد النواب بحيث سبق ميشال المر ونايلة التويني «القوات» في الاجتماع مع رئيس الجمهورية خلافا للبرنامج المقرّر، فيما لم يكن مفاجئا غياب سليمان فرنجية عن وفد «كتلة لبنان الحر الموحّد» بعدما «بشّرت» المصافحة الباردة بين عون والأخير أثناء تقبّل التهاني في مجلس النواب بأن مرحلة الجفاء بينهما ستطول.