IMLebanon

الحريري وراء القضبان… الذهبيّة

 

للذين احترفوا الرقص على أبواب جهنم، عراة على أبواب جهنم، نقول ان المشهد أشد هولاً من أن يحتمل أي لحظة عبثية.

أحدهم بشّر بـ«العسكرة»، وقد لاحظنا ما أفضت اليه العسكرة في سوريا. آخر عاد الى ثقافة التأجيج المذهبي، دون أي اعتبار لهشاشة الوضع وقابليته للانفجار. هذه المرة ان سقط الهيكل، سقط فوق رؤوس الجميع.

ذاك القطب السياسي الغبي الذي راح يشيع أن تفكيك ترسانة «حزب الله» لا يمكن أن يتحقق الا بطريقتين. الأولى، انشاء تحالف دولي، تشارك فيه اسرائيل، تبعاً لما طرحه الوزير السعودي ثامر السبهان، يجتاح لبنان الى حد تدمير البنية الأساسية للحزب وترحيل المقاتلين، على أن يعقب ذلك نشر قوات من بلدان على تماس مع المسار الاستراتيجي للمملكة، ويعاد تشكيل «الحالة اللبنانية».

الطريقة الثانية هي «التفجير الذاتي» للوضع الداخلي بالصورة التي تجعل من الأزمة اللبنانية أزمة اقليمية ترتبط، بشكل أو بآخر، بالأزمة السورية التي قد لا تنتهي الا بترتيب العلاقات مع اسرائيل.

في هذه الحال، لا حل لمشكلة الترسانة الا فوق الركام، دائماً تحت السقف الاسرائيلي أو السقف السعودي اللذين يتجهان، بادارة فريق دونالد ترامب، ليكونا سقفاً واحداً.

ومع الاقتناع القاطع بأن لبنان لن يكون ايرانياً، وبأن سوريا لن تكون ايرانية، كيفما اتجهت الرياح جيوسياسياً، ماذا استطاعت السعودية أن تحقق على الأرض السورية سوى الخراب؟ وماذا استطاعت أن تحقق على الأرض اليمنية سوى تكديس الهياكل العظمية عند جدران المقابر؟

في سوريا، النظام الذي كان مطوقاً في دمشق، يقاتل الآن على بعد مئات الكيلومترات في دير الزور ويطرد مقاتلي «داعش» من المدينة، لتكون الخطوة التالية الوصول الى الحدود مع العراق.

في اليمن، كانت الغاية وتبقى، احتلال صنعاء. هذا لم يتحقق بالرغم من آلاف الغارات، وبالرغم من آلاف الأطنان من القنابل، لا بل أن استخبارات أوروبية تحذر من أن عدن هي نهاراً في يد التحالف وليلاً في يد تنظيم «القاعدة».

لا أحد يمكن أن يقف في وجه الأمير محمد بن سلمان بعدما تمكن من تفكيك سيناريو «اخطبوطي»، لازاحته. ها هم أنصاف الآلهة وراء القضبان. ذلك الكونسورتيوم

المريع من الأمراء وعمالقة المال والاعلام والمقاولات. يحدث هذا تحت عنوان «الحرب على الفساد», وان كان باحثون سعوديون يعتبرون أن اقتلاع الكعبة من مكانها قد يكون أسهل من اقتلاع الفساد، الفساد المقدس، في المملكة.

حالياً، حرب داخلية، وحتى داخل العائلة، تمهيداً لجلوس ولي العهد على العرش، وبتغطية مباشرة من الأجهزة الأميركية، وفوق جثث من كانوا يشكلون مراكز القوى التي تحيط بالبلاط. الأمير الشاب يشتت امكاناته على سلسلة من الجبهات. ها قد حان دور لبنان، في حين أن حربه الداخلية، بنقل البلاد من زمن تورا بورا الى زمن لاس فيغاس، ودائماً دون المس بالأبعاد التوليتارية للسلطة، يحتاج الى جهود مترامية اذا ما أخذنا بالاعتبارمدى التفاعلات الايديولوجية والسوسيولوجية في المملكة.

الثابت أن الرئيس سعد الحريري ارغم على الاستقالة. لو كان يقصد التنحي، على الأقل كان أبلغ الرئيس فؤاد السنيورة الذي بدا مرتبكاً ومضطرباً في أحاديثه الصحافية والتلفزيونية.

السعوديون يعلمون ان المنطقة التي وصفها هنري كيسنجر بـ «الحوض اللاهوتي الواحد» لا تزال تدور داخل الاعصار. هنا كل حجارة الدومينو ترتبط ببعضها البعض. الوضع اللبناني يتداخل مع الوضع السوري، وحتى مع الوضع العراقي والوضع اليمني، اذا ما أخذنا بالاعتبار خلفيات الصراعات وآفاقها.

هم لا يستطيعون أن يحققوا الكثير ولو أخذوا برأي الماريشال مصطفى علوش حول العسكرة. يعلمون أن «حزب الله» جزء من منظومة استراتيجية فرضت نفسها في أكثر من مكان في المنطقة.

اذاً، لماذا الاستقالة؟ بعض الاجابة قد نجدها في الموقف القبلي من الرئيس ميشال عون. الفراغ الحكومي الذي يعني دفع العهد الى الشلل والفشل. بالتالي ابقاء رئاسة الجمهورية وراء أسوار القصر الى أن يرضخ الجنرال لمطالب أشبه ما تكون بالمطالب التي طرحت في وجه الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

الذي حدث للرئيس الحريري أكبر بكثير من أن يكون توقيفا للتواطؤ مع بارونات الفساد. اظهار الرجل وكأنه دمية في يد أولياء الأمر، في حين كان أفيغدور ليبرمان يقول « الذي صرحت به منذ عام يردده الحريري الآن». لاتظلموا الرجل الذي لا يمكن أن يكون اسرائيلياً في حال من الأحوال.

الشيخ سعد في أزمة عميقة لا فارق بين أن يكون الرجل وراء القضبان الحديدية أو وراء القضبان الذهبية!!