IMLebanon

الحريري… بين الإيمان والأمل والصُدق السياسي

يحتاج المرء إلى كثير من الإيمان ليصدِّق الغالبية العظمى من الطبقة السياسية اللبنانية التي لا يكفيها حَبلان للَّعِب عليهما، بل تحتاج إلى كمٍّ هائل من الحبال لإنجاز هذا الكباش السياسي الذي تمارسه كلَّ يوم.

قلّة قليلة من السياسيين الذين انتهجوا ثقافة الصدق في السياسة، لثقتهم أنَّ هذا الصدق هو الطريق السريع للوصول إلى الهدف.

من هؤلاء القلّة الرئيس سعد الحريري الذي يكاد أن يكون من القلائل الذين لم يناوروا في موضوع الإستحقاق الرئاسي، علماً أنه دفع من رصيده السياسي في هذا الإستحقاق من دون أن يبادل بهذا الأداء المترفِّع.

***

حين أعلن الدكتور سمير جعجع ترشحه لانتخابات الرئاسة، لم يأتِ هذا الترشح بعد اجتماع لقوى 14 آذار نجم عنه تبنِّي هذا الترشيح، بل إنَّ التأييد جاء لاحقاً، وقيل يومها إنَّ ثمة ملاحظات من داخل قوى 14 آذار على هذا الترشيح، لكن ولتحاشي التصدُّع داخل هذه القوى، جرى تأييد الترشيح ودعمه، وفي جلسة الإنتخاب وضع تيار المستقبل وقوى 14 آذار كلَّ الثقل لانتخاب الدكتور جعجع، فنال ثمانية وأربعين صوتاً هي أصوات كتلة نواب المستقبل ونواب آخرون.

لم يتحرَّك هذا الرقم منذ ثمانية عشر شهراً كما أنَّ النصاب لم يتأمن في أيِّ جلسةٍ من الجلسات ال 33 التي تلت، في هذه الحال، هل يجوز البقاء في هذه المراوحة؟

وإلى متى؟

***

إنَّ أيَّ اختيار لمرشح من 14 آذار لن يجعل 8 آذار تنزل إلى الجلسة، فكان خيار الواقعية، ليس من اليوم الأول بل بعد عام ونصف عام، علَّ خيار الوزير فرنجيه ينجح في الخروج من مأزق الفراغ.

ما فعله الرئيس الحريري هو من باب إيمانه بإعادة إنقاذ الوطن، حاملاً همّ الرئاسة، المطلوب التفاهم ثم التجاوب من الفريق الآخر وكلّ الجهد لتصديع المأزق.

حصل ما حصل، الوفاء السياسي كان يستلزم ردّ الجميل للرئيس سعد الحريري من خلال السير في خياره الذي لم يأتِ من فراغ، بل من مشاورات معمَّقة أفضت إليه. فهو سار في البداية بترشيح الدكتور جعجع وصوّت له، فما هو المطلوب منه أكثر؟ هل مطلوبٌ منه أن يُقنع حزب الله وحركة أمل بالتصويت له، ولو كان ممكناً لفعل من دون شك.

***

اليوم، الوضع عند هذه المرحلة، فهل من عدم مقارعة المستحيل؟

قد يمتد الفراغ لثمانية عشر شهراً ثانية، فهل يحتمل البلد كل هذا الفراغ؟

الرئيس سعد الحريري قام بما عليه وأكثر، فالمعركة هي بين صقور الموارنة فهل يلاقيه الجميع في منتصف الطريق ونجتاز مأساة الفراغ القاتل؟