رئيس الحكومة سعد الحريري محرج في كل شيء، «اللطشات» في جلسة مناقشة الحكومة نال منها وزراؤه ومن تعاقب منهم على الملفات الحساسة النصيب الأكبر بالاضافة الى الانتقادات المبطنة بملفات الفساد والهدر، والحريري أحرجه ما اقترف تياره في التعيينات الأمنية الأخيرة في قوى الأمن الداخلي تجاه رئيس المجلس الذي بادر الى الاقتصاص و«اطلاق يد» وزير المال لرد الصاع صاعين للمستقبل بالتعيينات في عمليات إقصاء لمحسوبين على المستقبل في المؤسسات والادارات المالية التي تمسك بمفاصلها حركة أمل، والحريري ايضاً غير مرتاح في القانون الانتخابي مهما كان شكله بحسب مصادر متابعة، نظراً لوضعية المستقبل غير الممسوكة منه بعد بالكامل على غرار الأيام الماضية، كما هو لا يريد ان «يغضب» رئيس الجمهورية او يتسبب بشرخ في العلاقة التي أسسها نادر الحريري وجبران باسيل على خلفية القانون الانتخابي. فرئيس المستقبل يدور في حلقة أزمة القانون او الدوامة نفسها، يتخبط في كل الصيغ الانتخابية التي تطرح ولكنه يحاذر السقوط الا ان السقوط في «فخ» قانون الانتخاب ممنوع والخلاف مع التيار الوطني الحر غير وارد حالياً او خط أحمر وعلى الطرفين اكمال المشوار الانتخابي بأقل الخسائر الممكنة.
بدون شك فإن الحريري الذي في المضمون ليس مرتاحاً الى مختلط باسيل، تضيف المصادر، حاول التلطي بمعارضة جنبلاط له ثم انتظر حزب الله، ليأتي الرفض من الحليف في الضاحية وليس من رئيس الحكومة خصوصاً ان حزب الله أبلغ بعبدا والتيار الوطني الحر تحفظات وطالب بمعايير معينة تحفظ حلفاءه في المعركة الانتخابية في الشمال وبعض النقاط.
قبل فترة حاول الحريري استيعاب تمرد زعيم المختارة وغضبه على قانون باسيل وتفصيلاته الانتخابية حرصاً على العلاقة مع المختارة وخوفاً من فرط الحكومة تحت وطأة الخلاف السياسي بين المختارة التي تعمد الى تجييش الرأي العام الدرزي وقصر بعبدا الذي يلوح بخيارات تصعيدية في حال عدم السير بالاقتراحات الانتخابية التغييرية ويلوح بالفراغ. فالحريري يخشى على حكومته في رأي المصادر، ويتطلع الى حكومة ما بعد الانتخابات وعليه لا يريد من جهة ان يخسر في الانتخابات ومن جهة أخرى ان يخرب علاقته برئيس الجمهورية او التيار الوطني الحر، فالتفاهمات السياسية بين السراي وبعبدا في أحسن احوالها، وثمة من يقول ان قانون باسيل الأخير راعى الهواجس المستقبلية في الدوائر الحساسة والساخنة حيث يبدو وضع المستقبل غير مستقر انتخابياً. الخلاف مع رئيس الجمهورية «خط أحمر» هكذا يردد رئيس الحكومة امام سائليه، ولطالما سارت الأمور في الاشهر الثلاثة الأخيرة من الحكم بين رئيسي الجمهورية والحكومة بشكل جيد، فلا توجد عقدة امام حكومة الحريري إلا قانون الانتخاب، فرئيس الحكومة يبدو ان وضعية رأسه على المقصلة في بعض الصيغ المطروحة، فالحريري لم يستجمع شتات ساحته السنية بعد او يلملم شظايا تمرد اركانه وكوادره السابقين بالكامل الذين يجرونه الى المعركة لكنه لا يبدو انه يشاكس رئيس الجمهورية او يعارضه، ومسار الاتصالات في كل التفاصيل لا يؤشر الى خلافات او تصعيد، وليس صحيحاً ان رئيس الحكومة كما يروج البعض يتلو فعل الندامة او بدأ «عض الاصابع» لاتفاقه مع عون فالاتفاق مع عون واضح وصريح منذ البداية . لكن الحريري كما تقول الاوساط مدرك منذ وضع التسوية ان ميشال عون رجل قاس في مواقفه كما عهده في الاختبارات لكنه لا يطعن «بالظهر»، فاذا كان عون رفض الستين فالرفض ملزم للجميع ولو اصاب من اصاب.
وليس صحيحاً وفق اوساط المستقبل ان رئيس الجمهورية يحاول تسجيل نقاط رابحة من حساب رئيس الحكومة، فلا التباس في هذه المسألة وما اتفق عليه قبل الانتخابات الرئاسية من تفاهمات لا يزال جارياً وسيجد ترجمته قريباً. التفسير العملي والواقعي لموقف المستقبل في قانون الانتخاب ان اي قانون اليوم لا يبدو مربحاً للمستقبل بسبب تراكم الازمات عليه، والحريري ملزم تقديم تنازلات في القانون العتيد ولو أدت الى تقليص حصته النيابية او توتير العلاقة مع جنبلاط واصابتها بالخلل، وهو لا يرغب بالمواجهة مع رئيس الجمهورية اذ يتطلع الى حكومة العهد الثانية التي ستكون الحكومة الفعلية بعد «بروفا» الحكومة الاولى.
وتؤكد اوساط المستقبل ان التسوية التي سار فيها الحريري لا رجوع عنها وان رئيس تيار المستقبل عندما انجزها أعطى رئيس الجمهورية شيكاً على بياض بدون توقيع، ذلك ان ثقة الحريري بعون هي بدون حدود فالرجل «وفي» لالتزاماته وتحالفاته، هكذا بدت علاقته مع حزب الله منذ تفاهم مار مخايل رغم كل المطبات، كما ان حزب الله لم يخذل عون في استحقاقات اساسية، وهكذا ايضاً مشى عون بالتزامه الاخلاقي بتفاهم مع معراب حكومياً وفي قانون الانتخاب، وفي اعتقاد الاوساط ان رئيس الجمهورية يفعل المستحيل لانجاح عهده وتطبيق الميثاقية على كل مكونات وافرقاء الوطن وليس على المسيحيين وحدهم وفي كل الاستحقاقات.