IMLebanon

الحريري يتحرك رئاسياً بضوء أصفر سعودي..

أيهما أضمن.. وأقوى: التفاهم المحلي أم الخارجي؟

الحريري يتحرك رئاسياً بضوء أصفر سعودي..

لم يعد هناك أدنى شكّ أن سعد الحريري أكثر من جاد في حراكه الرئاسي. بات مقتنعاً أنّ كل يوم يمرّ عليه، يقصّر من عمره السياسي اذا لم يضع حداً لهذا الخواء الفظيع. مستعد لأي شيء كي يقطع الطريق أمام الشغور المتمادي الذي يقضم ببطء مما تبقى من النظام، ومن زعامته.

في اللحظة التي حطت فيها طائرة الرجل على مدرج مطار بيروت قبل نحو أسبوع، ساد اعتقاد أنّه أتى على متن «طائرة انتحارية» وجهتها الرابية فقط. جرّب حظه مع سيناريو ترئيس سليمان فرنجية، فلم يفلح في جذب «حزب الله». لا بدّ إذاً من العودة الى مربع ميشال عون، وإلا القول مستقبلا إنه أدى قسطه للعلى!

توالت الأخبار والتسريبات التي تؤكد أنه يضمر في جيبه مسودة اتفاق ثنائي انتهى من وضع اللمسات النهائية عليه مع العونيين، وتحديدا مع جبران باسيل. مشهد يعيد التذكير بلحظة جلوس الحريري وعون للمرة الأولى وجهاً لوجه في العاصمة الفرنسية، وما تخلله من تفاهمات كانت سبب «النيران الصديقة» التي أطلقت على القطب الزغرتاوي، قبل سنة من الآن.

القناعة موجودة لدى رئيس «تيار المستقبل» بوجوب البحث عن خرم ابرة تفاهم محلي ما ينتج تسوية تحظى بتوافق القوى اللبنانية، فتنهي عهد الشغور، وإما يعلّق مصيره على مشنقة الانتظار.

اختار الرجل المسار الأول. قرر التحرك على قاعدة أنّ المجتمع الدولي أسقط الساحة اللبنانية من سلّم أولوياته، ويمكن للبنانيين النفاذ من كوة «الإهمال» فيصنعون وللمرة الأولى رئيساً «شغل أيديهم».

يقول المطلعون على حراك الحريري إنّ الرجل يعرف أنّ الجمود الحاصل محلياً قد يمتد لأشهر وربما سنوات، من دون أن يرفّ جفن أي عاصمة معنية بالشأن اللبناني، طالما أنّ الاستقرار الأمني محفوظ والخشية من هزات كبيرة تكاد تكون معدومة.. برغم الإنذارات المالية والاقتصادية التي تطل برأسها تدريجيا.

ما لم يقله الحريري بالفم الملآن، ويتجنب الميحطون به الإفصاح عنه، هو أنّ حراكه الرئاسي غير محصّن بغطاء سعودي كامل. يتكل الرجل على «ضوء أصفر». لكنه فعلياً، لمّح أمام نواب «كتلة المستقبل» الذين التقاهم ظهر الثلاثاء الماضي، أنّه في حال نجح في تطريز تفاهم داخلي، فهو قادر على تسويقه خارجياً بما في ذلك إقناع السعوديين بأهمية هذا التفاهم.

بالنسبة للمدافعين عن الحريري. يعمل رئيس «تيار المستقبل» لاقتناص آخر فرصة لتمديد عمر اتفاق «الطائف» لست سنوات إضافية. لا شيء يضمن صمود التوازن القائم منذ بداية تسعينيات القرن الماضي فيما لو اغتيلت هذه الفرصة أيضاً.

يقول هؤلاء إنّ ميشال عون، المتهم بالسعي للانقلاب على وثيقة الوفاق الوطني، قد يكون انتخابه في هذه اللحظة بالذات، هو آخر صمام آمان للاتفاق، لأنّ ما بعد ذلك قد يعني السير بخطى ثابتة نحو المؤتمر التأسيسي.

هكذا، يكون سعد الحريري قد رسم خارطة طريقه على الشكل الآتي: تفاهم محلي، ثم غطاء اقليمي، وأخيراً اقناع الرأي العام. بمعنى أنّه، وعلى خلاف العرف السائد لصناعة الرؤساء، والقاضي بنقل الاتفاق الخارجي الى المشهد المحلي انتاجاً لتفاهم داخلي يخرج الرئيس من رحمه، يحاول الحريري لملمة قطع «البازل» الداخلية، لتقديمها على شكلة «بورتريه» رئاسية توافقية، على مائدة اللاعبين الكبار، فيقبلون بما ارتضى به اللبنانيون.

ومع ذلك، للمشككين حصة في مساءلة جديّة زعيم «المستقبل» في إكمال الطريق حتى نهايتها برغم قناعته بأنّ الرياض لم تمنحه بركتها الكاملة. ثمة من يقول إنّ الرجل قد يندفع في خياراته، ولكن في اللحظة الأخيرة سيكون مضطراً لسماع كلمة الفصل السعودية، قبل أن يعطي كلمته النهائية محليا.

هل تكون مهلة الشهر التي منحها الرئيس نبيه بري كافية لاجتراح المعجزة اللبنانية؟