IMLebanon

اختيار الحريري للتوافق  جعلَ العَدَّ في المرتبة الثانية

في الوقت الذي ينشغل فيه اللبنانيون بالعمليات الحسابية للبوانتاج النيابي لإنتخابات الرئاسة، تجري عمليات حسابية بين فرنسا وجنيف مرتبطة بلاعبَيْن كبار على الساحة اللبنانية:

إيران وسوريا.

في باريس تمَّ التوصل إلى إتفاقات وتوقيع صفقات تجارية بلغت ١٥ مليار يورو، تمّ ذلك خلال زيارة الرئيس الإيراني روحاني لفرنسا واجتماعه مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند.

وفيما محادثات ١٥ مليار جارية في باريس، كانت جنيف تستعد لإستضافة محادثات سوريا بين النظام والمعارضة برعاية الأمم المتحدة وواشنطن وموسكو… والرياض وطهران.

بين باريس وجنيف تجري الحسابات الإقليمية والدولية الكبيرة لتُترَك في لبنان حسابات البوانتاج لإنتخابات الرئاسة والتي يبدو أنها مرتبطة بشكلٍ أساسي وجذري بالحسابات الخارجية.

إذا عدنا قليلاً إلى حساباتنا المحلية، فماذا نجد؟

صحيح أنَّ العدد هو لصالح رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجيه، لكن هل بالعَدّ تجري الإنتخابات؟

عام 2005 جرت إنتخابات نيابية فازت فيها قوى 14 آذار بنحو 74 نائباً، فهل إستطاعت أن تحكم؟

هل إستطاعت أن توصل الرئيس الذي تريد؟

عام 2009 جرت إنتخابات نيابية أيضاً وحققت 14 آذار الأكثرية في مجلس النواب، فهل إستطاعت أن تحكم؟

هل إستطاعت أن تشكّل الحكومة التي تريد؟

هل تمكَّنت من تجاوز قطوع الثلث المعطِّل والوزير الملك؟

نقول هذا الكلام ليس لإحباط المحبَطين بل للدعوة إلى الواقعية السياسية والإنتخابية. هذه الواقعية أول مَن أدركها الرئيس سعد الحريري، فخرج من دائرة العَدّ والبوانتاج إلى دائرة التوافق والإلتقاء في منتصف الطريق، لو كان الرئيس سعد الحريري يريد العَدّ لكان أختار مرشحاً من 14 آذار وحشد له الأصوات، لكنه إختار مرشحاً من 8 آذار، فما هو مطلوب منه أكثر؟

أن يختار مرشح من 8 آذار وأن يوفّر الحشد له؟

لقد ضرب الرئيس سعد الحريري ضربةً سياسية إبداعية، إذا صحَّ التعبير، فرشَّح مَن تجرَّأ على كشف كل الأوراق المستورة:

مَن مع مَن؟

ومَن ضد مَن؟

لم يكن يريد العَد لأنَّه اعتقد من أول الطريق بأنه حين يختار أحد مرشحي خصومه فهذا يعني أنَّه مدّ يده للتوافق، فكيف لا يكون توافقياً بإمتياز؟

إنَّ ما يقوم به الرئيس سعد الحريري هو ممارسة السياسة من رحابها الواسع والوطني وليس من نوافذ السياسات الضيِّقة والكيدية، لقد ظهَر وأَظهَر أنه أم الصبي، ولو لم يكن كذلك لتركَ الأمور على غاربها تماماً كما يفعل سائر الأقطاب والسياسيين الذين يعتقدون بأنَّ النيران لن تصل إلى أصابعهم.