IMLebanon

الحريري اختار التمديد للحود على انتخاب فرنجية

يجمع كثيرون ممن واكبوا مرحلة ما بعد الطائف في لبنان، ان الكثير من الوقائع والحقائق، التي يمتلكها عدد كبير من القيادات في الداخل والخارج، يجب أن يتم الكشف عنها لكي يرسم الإطار المتكامل نسبياً لحقبة رئاسة الشهيد رفيق الحريري للحكومات اللبنانية بعد الطائف، وللدور السياسي والوطني وحتى الدولي الذي لعبه، واضعاً لبنان في قلب الاهتمام العالمي، بحيث يصبح من الإجحاف اقتصار الإحاطة بدوره على شخصيات من دون غيرها، إن في موقع التحالف او الصداقة او الخصومة.

الشهادات الاخيرة امام المحكمة الخاصة بلبنان، وتحديداً الرواية لظروف التمديد للرئيس العماد اميل لحود، افتقدت الى وجهة النظر الأخرى، طالما ان كل المقاربات لم تخرج من دائرة التحليل والاتهام السياسي بعيدا من وقائع معروفة من شأنها ان تضيء على جوانب اساسية، اذا طرقت تظهر روح تصالحية مستمرة مبنية على صياغة تسويات دائمة للتركيبة السياسية اللبنانية اتقنها رفيق الحريري بعناية فائقة ولم يفرّط بها يوماً، حتى في ذروة سطوع نجمه السياسي بعد الانتخابات النيابية في العام 2000.

ويروي الرئيس اميل لحود واقعة كفيلة بتأكيد النيات الإيجابية والطيبة للرئيس الشهيد. حيث أنه «قبل ايام من التمديد لي، اتصل الرئيس الحريري ليلا بصحافية بارزة قريبة مني تعمل في وسيلة اعلامية فرنكوفونية، واتفق معها على اللقاء في قصر قريطم في صبيحة اليوم التالي الساعة الثامنة صباحاً، وتم اللقاء في الموعد المحدد حيث بادرها الى القول: أنا ذاهب الى التمديد للرئيس لحود بملء إرادتي. ولما سألته عن سبب تغيير رأيه ليصبح مع التمديد، أجابها: وُضعت أمام خيارين: إما انتخاب سليمان فرنجية لمدة ست سنوات او التمديد للحود لثلاث سنوات، فاخترت الثلاث سنوات».

يضيف لحود: «بعد خروج الصحافية المذكورة من لقاء الحريري رنّ هاتفها الخلوي، وكانت لا تزال عند المدخل الخارجي لقصر قريطم، وكان على الخط احد قادة الأجهزة الأمنية الذي بادرها بالسؤال: كيف كان لقاؤك مع الرئيس الحريري؟ وسألها عما يريده الحريري منها».

ويتابع لحود «بعدما أقفلت الصحافية الخط مع المسؤول الأمني، بادرت الى الاتصال برئاسة الجمهورية وطلبت لقاءً عاجلاً معي وحصل اللقاء، وقصّت عليّ ما حصل بينها وبين الرئيس الحريري، فقلت لها إن الحريري التقاها ليقول لها ما قاله من اجل ان تقوم بإبلاغي هذا الموقف».

فحوى هذه الرواية تؤكد، بحسب مراقبين من خارج اصطفافي «8 و14 آذار»، ان «السوريين لم يمارسوا أية ضغوطات على الرئيس الحريري، وأن علاقتهم به في ذلك الحين كانت جيدة وممتازة».

ويضيف هؤلاء «ان هذه الواقعة التي تثبت أن الرئيس رفيق الحريري لم يكن مأزوماً في علاقته مع سوريا التي ليست بحاجة الى تهديده او توجيه كلام ناب، كما زعم الرئيس فؤاد السنيورة وآخرون في تقديمهم لمسألة التمديد، لا بل هذه الواقعة تثبت ان الحريري ذهب الى التمديد للحود بملء إرادته. فاستناداً الى تركيبة مجلس النواب، التي كانت الاكثرية فيه ليست معه، كان بإمكان سوريا الذهاب الى انتخاب فرنجية رئيساً، ولو ارادت ان تفرض خيار انتخاب فرنجية كأمر واقع على الحريري لكانت قادرة على ذلك، نظراً لوجود الاغلبية النيابية معها. لكنها احترمت إرادة الحريري الذي اختار التمديد للحود، وهذا إن دلّ على شيء فهو يدل على احترام القيادة السورية للرئيس الحريري بعكس كل ما قيل ويقال. وهذا يعني انه لو كان لدى السوري خيار وحيد لكان فرضه عليه، كما يزعم السنيورة، ولما ترك الخيار للحريري الذي لم يكن يملك الأغلبية، حتى ان نواباً في كتلته لم يكونوا في وارد عدم انتخاب فرنجية او التمديد للحود، وبالتالي احتكم الحريري للعبة الديموقراطية، وهو الذي كان شديد الحرص على تنسيق المواقف مع القيادة السورية التي كان يُعتبر معيناً أساسياً لها في السياسة الخارجية».