Site icon IMLebanon

الحريري قلق ويلحّ على طلب مواعيد «رسمية» في السعودية

ساعات «ثقيلة» تمر على الرئيس سعد الحريري بانتظار لقاءات يطلبها بالحاح شديد مع القيادة السعودية. اما الاسباب الموجبة فهي الحصول على جواب واضح عما تريده المملكة حقا؟ هل ما تقوم به انسحاب من لبنان ام مواجهة مفتوحة مع حزب الله والمشروع الإيراني لاستعادة التوازن؟ هل تريد المملكة منه الدخول في مواجهة سياسية وغير سياسية مع حزب الله؟ ام ان المملكة ترسم فقط خطوطا حمراء لهيمنة الحزب على الدولة؟ هل المطلوب مواجهة إيران و «حزب الله» في لبنان، مثلما تتواجه الرياض معهما في اليمن وسوريا؟ الواضح حتى الآن ان السعودية لا تعطي حلفاءها من قوى 14 آذار الدعم المادي الذي يجعلهم قادرين على المواجهة، ومن «حج» الى مقر السفارة السعودية في بيروت لم يجد عند السفير السعودي سوى «الأمنيات بالخير». اذا ما العمل؟

لا جواب واضحاً حتى الان، وبحسب اوساط دبلوماسية عربية فان ما ابلغ به الحريري فقط من السفير السعودي في بيروت علي عواض العسيري ان المملكة تخوض حاليا معركة سياسية دولية هدفها الخروج بقرار من الأمم المتحدة يدرج الحزب كمنظمة إرهابية، وهذا ما ستقوم به الحكومة اليمينة من خلال تقديم شكوى رسمية، وبحسب «الخطة» السعودية، اذا ما أدرج حزب الله على قوائم المنظمات الإرهابية فان هذا سيعطي مبررا لقوات التحالف الدولي ضد الإرهاب الذي تقوده الولايات المتحدة للقيام بضربات جوية تستهدف قوات الحزب المتواجدة في سوريا…. «ايه وبعدين»… «صمت» لا جواب..؟

وازاء هذا العجز عن تقديم الاجابات، يعمل الحريري لترتيب مواعيد «عاجلة» مع القيادة السعودية، تحادث هاتفيا مع عدد من المسؤولين الفاعلين هناك، دون ان يحصل على موعد «مستعجل»، وكان الجواب «ابقى الان في بيروت»..، وقد جاء اللقاء الاخير مع السفير السعودي في سياق محاولة رئيس تيار المستقبل «ترتيب» الزيارة، وقد وعده العسيري بالعمل من خلال «قناة» وزير الخارجية عادل الجبير على «ترتيب ما» خلال الساعات القليلة المقبلة.

وبرأي تلك الاوساط، فان هذا القلق والارباك ترجم بسؤال خطير وجوهري طرح من قبل دوائر غربية معنية بالملف اللبناني، يرتبط بموقع سعد الحريري في الاستراتيجية السعودية «المتهورة»، «هل تريد المملكة ان يكون زعيم تيار المستقبل رئيس حكومة ام تريده «شهيدا»؟ هل هو جزء من المعادلة السياسية المفترض ان تبصر النور بعد الجلوس على «الطاولة» مع الايرانيين؟ ام جزء من «العدة» في العملية «الانتحارية» التي تقوم بها السعودية راهنا على الساحة اللبنانية؟ وهذا يستتبع اسئلة كثيرة مرتبطة بمدى اكتراث القيادة السعودية الجديدة بحجم «الاذى» اللاحق بالحريري وفريقه السياسي؟

وفي هذا السياق تعود تلك الاوساط بالتاريخ الى سنوات خلت، حيث ادت اخطاء سعودية مماثلة الى نتائج كارثية على الساحة اللبنانية، دفع خلالها فريق 14 آذار وتيار المستقبل اثمانا باهظة دون مردود بعد ان ورطتهم المملكة بما لا طاقة لهم به، حيث وجدوا انفسهم دون اي «مظلة» تحميهم عندما «زجوا» في صراع دولي واقليمي تارة لاخراج السوريين من لبنان، وطورا لضرب المقاومة، وبعدها تركوا في «العراء» دون حماية ما ادى لضياع دمائهم بين «القبائل»… لكن اليوم ثمة فارق جوهري واساسي يرتبط بطبيعة المعركة وظروفها، في العام 2005 كان ثمة قرار دولي واقليمي تقوده الولايات المتحدة لتقليم اظافر النظام السوري وحشر محور المقاومة تمهيدا للتغيير الكبير القادم الى المنطقة، رغم ذلك انهار المشروع، في العام 2006 عندما طلب من الرئيس الحريري تبني نظرية «المغامرون» وانتظار «جثة» حزب الله على ضفة النهر، كانت ثمة حرب «كونية» تخوضها اسرائيل بتغطية خليجية، وكان الامر يستحق الرهان، وفي العام 2008 عندما اتخذ مجلس الوزراء في الخامس من ايار قراره الشهير بنزع سلاح الاشارة من المقاومة، لم يكن العقل الاستراتيجي في السعودية يعتقد ان احداث السابع من ايار يمكن ان تحصل، لكن «حصل ما حصل» وبات الجميع امام تجربة محسوسة ذات دلالة واضحة تفيد بان اي قرار بمحاولة ضرب والغاء المقاومة لن يكتب لها النجاح، وهي انتحار بكل ما للكلمة من معاني ومتفرعات…

لكن ما حصل لاحقا يزيد من القلق والذعر في آن، لان القيادة السعودية لم تتعلم من الدروس شيئا يذكر على حدّ قول الاوساط، ولم تثنها الاخفاقات المتلاحقة عن زج حلفائها بالمزيد من المغامرات القاتلة، دون ان تؤمن لهم لا ظروف النجاح ولا مظلة الامان المفترضة لمهمات مماثلة… فبعد سنوات قليلة زج بالمستقبل في معركة اسقاط الدولة السورية، فتحت الحدود اللبنانية «لدعم الثورة» وكان لبنان في العام 2011 الدولة المصنفة «رقم 1» في خط تهريب الدعم اللوجستي والبشري الى حمص «عاصمة الثورة» آنذاك، كان الظن ان النصر قريب والرئيس السوري بشار الاسد «يوضب» اغراضه استعدادا للرحيل، طبعا بقية القصة معروفة دخل حزب الله على «الخط» وخرب الخطة المرسومة، وبدل ان يسقط الاسد ودمشق، سقطت القصير وتدرج اقفال الحدود اللبنانية السورية ومعها دور المملكة وحلفائها، لكن الخسائر لم تتوقف عند هذا الحد وقد سقط خلال هذه المغامرة اللواء وسام الحسن، احدى القيادات الامنية التي يصعب تعويضها، بفعل عملية انكشاف امني تسبب بها «الطيش» السعودي الذي يتحمل مسؤولية كبيرة في ضرب التفاهمات التي جرت لابقاء الساحة اللبنانية بعيدا عن «العاصفة»، ما ادخل لبنان مجددا «لعبة» تتجاوز قدراته، فدفع اللواء الحسن ثمن «لعبة» امنية متشابكة ومعقدة يقودها لاعبون كثر، فيما يبقى النائب عقاب صقر «هائما على وجهه» يتلفت خلفه اين ما ذهب.. اما الحريري فبدأ رحلته الى المنفى..

الان قرر الحريري العودة، او ثمة قرار سعودي بعودته، لتهيئة المناخات المناسبة لاستعادة «السراي الحكومي»، قبل استفحال الازمة الاخيرة كانت خارطة الطريق تفترض البدء بترتيب العلاقات الداخلية في «البيت الازرق»، الاستحقاق الانتخابي البلدي كان يفترض ان يكون مناسبة لاعادة تظهير شعبيته، يملك ورقة «ثمينة» في الرئاسة مع تحلق النائب وليد جنبلاط والرئيس نبيه بري حول دعمه لترشيح النائب سليمان فرنجية، يعتقد انه يملك ورقة مساومة جيدة لتسهيل العودة الى رئاسة الحكومة بشروط مقبولة، كان يعتقد ان السعودية تجاوزت «اشكال» بياني الجامعة العربية والدول الاسلامية، ردوده المكتوبة لاقت يومها استحسانا لدى القيادة السعودية، لم يكن مكلفا بمهمة اخرى، يعرف جيدا ان مهمة مواجهة حزب الله في لبنان مكلفة وصعبة ولا يملك اي من مستلزماتها، محاور الشمال ومدينة طرابلس تم تحييدها عن الصراع بتفاهم ضمني مع السعودية، الظواهر «الادوات» كاحمد الاسير، وخالد حبلص، وغيرهما، تجارب اثبتت فشل الرهان عليها، اذا ما المطلوب؟ اذا كان «هروبا» سعوديا من الساحة اللبنانية كما فعلت واشنطن حين «هربت» من فيتنام على عجل وتركت «عملائها» ورائها؟ فالوضع ذاهب الى «الكارثة»؟ اما اذا كان ما يحصل عملية ضغط من المملكة على الحلفاء «الضعفاء» لحثهم على القيام «بشيء ما» يثبت ولائهم؟ فالكارثة ستكون اكبر، ففي الحالة الاولى من المتوقع ان يقوم حزب الله باحتضانهم مجددا، كما حصل في سوابق كثيرة، اما في حال ارادت السعودية الدفع بحلفائها الى «الهاوية» فعندها ستكون عملية الانقاذ مستحيلة، والنتائج صعبة للغاية… ولهذا يستعجل الحريري الحصول على مواعيد في الرياض عله يسمع ما يطمئنه…