بدأت الخلافاتُ والاتّهاماتُ السياسية المتبادَلة بين مكوّناتِ الحكومة الجديدة قبل إنطلاق عملها وطرح المشاريع في مجلس الوزراء، لا بل حتى قبل نيلها الثقة النيابية. وعلى رغم تباين المواقف بين رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل حول العلاقة مع سوريا الذي برز خلال اجتماعات لجنة البيان الوزاري، فإنّ خلافَ الحريري و«حليفَه الدائم» منذ 2005 رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أطلق أقاويلَ وأشاع معلومات عن تحالفٍ «مُتجدّد» بين الحريري وباسيل حصراً مبنيٍّ على تفاهماتٍ مُسبَقة.
أولويّة الحريري في المرحلة الراهنة إطلاق عمل الحكومة للبدء بتنفيذ مقرّرات «سيدر»، على ما تقول مصادر تيار «المستقبل» لـ«الجمهورية»،
لافتةً إلى أنّ الحريري يُسِرّ لزوّاره أنّ «هناك تهيُّباً حقيقيّاً وواقعيّاً من وضع المنطقة، فهناك معطياتٌ تشير إلى احتمال حصول صدام في أيِّ وقتٍ في أكثر من دولة وقد يتمثّل هذا الصدامُ مباشرة بين إسرائيل وإيران، وهذا التخوُّف يدفع الحريري إلى تحصين الساحة الداخلية والإسراع في تنفيذ مشاريع تعزِّز استقرارَ البلد، خصوصاً إقتصادياً ومالياً».
هذه المعطيات ينطلق منها الحريري لإبرام التفاهمات مع أيِّ فريق، وتوضح مصادر «المستقبل» أنّ الرَجُل أبرَمَ تفاهماتٍ مع باسيل، «لأنه اتّخذ قراراً بعدم الدخول في نزاعات مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفريقه السياسي، وترسَّخ هذا الخيارُ لديه، لأنّ النزاعَ مع فريق عون أدّى دائماً إلى فرملة عمل الحكومة السابقة وتعطيل قرارات مجلس الوزراء، «وما عاد يمشي شي».
وهذه التفاهمات لا تتعلّق بشخصِ باسيل، بل إنّ علاقة الحريري بباسيل تنطلق من أنّ الأخير «يمثِّل «رأسَ الهرم» في فريق عون السياسي وفي «التيار الوطني الحر». كذلك، إنّ الفريق الذي يملك الحصة الأكبر في الحكومة هو فريق باسيل، ولا يُمكن انطلاق عمل الحكومة من دون تفاهماتٍ في الحدّ الأدنى، وإلّا سيحصل اصطدامٌ منذ بداية طريق عمل مجلس الوزراء، الأمر الذي يعني أنّ الحكومة وُلِدت ميتة».
أما الخطوط العريضة للتفاهمات المبرَمة بين الحريري وباسيل، فهي، حسب مصادر «المستقبل»:
– عدم إدخال لبنان في نزاعات المنطقة.
– السعي إلى تحقيق أكبر مقدار من الاستقرار.
– تنفيذ مقررات مؤتمر «سيدر 1».
لكن، يبدو أنّ باسيل بكّر في خرق التفاهمات المُبرَمة مع الحريري، بحيث إنه يحاول إعادة العلاقات مع سوريا بمعزل عن قرار جامعة الدول العربية. وفي هذا الإطار، تقول مصادر «المستقبل» إنّ «لباسيل أجندته الخاصة ويحاول أن ينفِّذَها، لكنه يعلم في النتيجة أين تُبنى سياسة الحكومة، ودعواته وكلامه لا يغيّران شيئاً من سياسة الحكومة حتى ولو كان وزيراً للخارجية».
وتؤكّد المصادر نفسها أنّ التفاهمات بين الحريري وباسيل والهادفة الى تسهيل عمل الحكومة، «لا تعني إنهاء تفاهمات أخرى، وغير مرتبطة بعلاقة الحريري بأيِّ فريق آخر، حليفاً كان أو معارضاً، مثلما يُحاول البعض أن يُسوِّق لحرف الأمور عن اتجاهها الحقيقي».
وتشير إلى أنّ الخلاف بين الحريري وجنبلاط «سيُحَلّ بتفاهمات مثلما جرت العادة»، مؤكدة «عدمَ وجود أيِّ توتُر بين الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، بل هناك تنسيقٌ في كل «شاردة وواردة».