تقترب المهلة المعلنة التي حددها الرئيس سعد الحريري لتشكيل الحكومة من نهايتها. المهلة تراوحت لدى إطلاقها مساء الخميس الماضي بين أسبوع وعشرة أيام. اليوم ينتهي الأسبوع والأحد المقبل تنتهي الأيام العشرة، ولا بوادر حتى الآن تنبئ بولادة المخلوق الذي سيتولى إدارة شؤون البلد ومواطنيه.
ليس انتهاء المهلة، من دون قيام الحكومة، فرصة للتندر أو للقول بفشل الرئيس المكلف، ففي الأساس لا مهل في هذا النوع من العمل السياسي، إنما فرص ومساع ومشاورات قد تطول أو قد تقصر، وفي النهاية إما تولد الحكومة وإما يكون للمكلف تشكيلها موقف يعلنه لعموم الناس وليس للذين منعوه أو وضعوا العصي في دواليبه، ويفترض بهؤلاء الناس أن يستخلصوا العبر، والعبر في النظام الديموقراطي البرلماني تترجم في المعارضة البرلمانية وفي وسائل الضغط والتعبير التي يشرعها النظام وأخيراً في التصويت يوم الانتخابات وعلى كل المستويات، من انتخاب النقابة إلى انتخاب مجلس النواب.
لن تنتهي مهلة الحريري بحلول مساء الأحد. لا شيء يفرض عليه وقف محاولاته. لا الدستور ولا الأعراف ولا التقاليد. وعلى العكس هناك أشياء تفرض الاستمرار، وبإصرار، في السعي توصلاً إلى إنجاز المهمة.
هذه الأشياء هي بالضبط المهام والفرص المفروضة والمتاحة أمام لبنان واللبنانيين. فما من عاقل لا يرى الحاجة الملحة لإنجاز تغييرات في واقع الخدمات المعيشية للبنانيين، بدءاً من قطاع الكهرباء والمياه وصولاً إلى النفايات ومروراً بكل شبكات البنية التحتية من مواصلات ومرافئ ومطارات. وما من عاقل يغفل عن ضرورة إجراء إصلاحات تحفز النمو الاقتصادي وتوفر فرص العمل لآلاف الشباب اللبنانيين الذين ينتظرون فرص عمل خارج بلدهم ويعيشون في بطالة وعوز. كما أنه ما من مخلص إلا ويشهد على ضرورة الشروع في عملية شاملة لمكافحة الفساد وتحديداً من فوق إلى تحت، وليس عبر تدابير شكلية لا تطاول سوى صغار القوم. إنها مهام تشكل نقاطاً في برنامج حكومي، تضاف إليها نقاط أخرى لا تقل أهمية تتصل بعلاقات لبنان الإقليمية والدولية وبمسألة وحدانية المؤسسات وقرار السلم والحرب.
وفي موازاة المهام هناك فرص لا ينبغي إضاعتها. فما يعد به «سيدر» لا يمكن الشروع في الاستفادة منه من دون حكومة ناجزة تتولى التنسيق في تنفيذ مشاريعه، بالتعاون، وبإشراف من الدول الداعمة، والسفير بيار دوكان المكلف من الرئاسة الفرنسية بمتابعة تنفيذ مقررات «سيدر» حل في بيروت منتظراً الجواب السحري عن أعجوبة ولادة الحكومة لبدء العمل، وسيكون على لبنان المنشرح لاستضافة القمة الاقتصادية العربية في كانون الثاني المقبل، أن يتقدم بورقة لا تكتفي بما يقوله الخبراء عن النهوض العربي، فهو معني أولا وأخيراً بدمج كل الإمكانيات العربية والدولية والاستفادة منها في برنامجه الخاص للخروج من التخبط الذي يعانيه… وهذا البرنامج هو بالذات برنامج الحكومة ورئيسها المكلف، مددت مهلة التشكيل أم قصرت.