بعد التفاؤل «الحذر» الذي خيم على اجواء المشاورات المبذولة لاستيلاد مشروع انتخابي جديد يرضي الجميع، عاد التعثر نتيجة تبادل كرة التعطيل عنوان المرحلة مع سقوط الاقتراحات دفعة واحدة بفعل استعمال «حق النقض» من قبل الاطراف. عزز هذا المشهد تخبط يعود على ما يبدو الى ان مفاعيل قانون الانتخابات المنتظر قد بدأت تفعل فعلها في التحالفات السياسية مستكملة ما خلفته معركة رئاسة الجمهورية من خلط للاوراق بين الخصوم والحلفاء انتهى الى دفن الثامن والرابع عشر من آذار، ليعاد اليوم وعلى وقع الصيغ الانتخابية رسم خارطة داخلية جديدة تتبدل وفق بورصة الطروحات والمصالح الانتخابية وتقاسم مغانم المقاعد النيابية.
اجواء ترافقت مع توتر واضح على جبهتي بعبدا بيت الوسط وبعبدا معراب، حيث اشارت مصادر متابعة الى ان غمز النائب عقاب صقر من قناة التعطيل القواتي انتخابيا، خلال مقابلة تلفزيونية له، كهرب الاجواء بين المستقبل والقوات، وحرك قنوات الاتصال بين الطرفين، وفي هذا الاطار ترى مصادر سياسية ان العتب على القوات سببه حماستها المتزايدة للتحرك في الشارع ضد التمديد في الوقت الذي يفترض فيه ان تشكل عامل ضبط للتيار بموجب الاتفاق القائم بين الطرفين، خصوصا ان التنسيق بين معراب وبيت الوسط بلغ ادنى درجاته بعد نجاح القوات اللبنانية بفك الطوق الذي فرض عليها عبر التحالفات والاتصالات التي قامت بها، وهو ما قد يفقد التيار الازرق غطاء مسيحيا لا يستهان به، لن يكون من السهل على الشخصيات المسيحية المستقلة او الكتائب ملؤه.
اما على الجبهة المقابلة فقد لفت تصعيد النائب رياض رحال في وجه رئيس الجمهورية،حيث تكشف المصادر ان هناك عتبا مستقبليا على بعبدا لسيرها وفقا لرغبة وزير الخارجية جبران باسيل وهو ما انعكس سلبا على التوافق الذي كاد ان يثمر تمريرا لصيغة التاهيلي وفقا لاتفاق تقاسم وتبادل مقاعد بين الطرفين، رغم ان المستقبل ساير الثنائي المسيحي باعلانه وتاكيده رفض التمديد ما يجعل من تلك الخطوة مستحيلة في ظل فقدانها لتاييد مكونين اساسيين.
هذا التصعيد «المبطن» برسائل تحمل اكثر من معنى، لم تسلم منه الساحة الاسلامية ايضا، حيث الحديث عن تباعد جنبلاطي-حريري نتيجة اقتراب الاخير من طروحات «تؤذي» الحليف الدرزي، ترجم تغريدات جنبلاطية قاسية، أتت كردة فعل على ما سمعه موفد جنبلاط الى بيت الوسط النائب غازي العريضي في بيت الوسط من كلام غير «مريح ومطمئن» في قضيّة مجلس الشّيوخ وقانون الانتخاب، ما اوحى للزائر بان صاحب الدار قرر السير بركب بعبدا عوضاً عن إغراءات عين التينة وكليمنصو.
اما على خط بيت الوسط-عين التينة، فلا تبدو الامور احسن حالا، اذ تشير المعلومات الى انها لم «تهضم» موقف الحريري من التمديد والذي نسف الخطة الاساسية التي يستند اليها الاستاذ في هجومه بعدما كان وضع التيار الازرق «بجبيته»، وتكشف المصادر على هذا الصعيد ان لقاء عين التينة وان كان ظاهره هادئا وسادته روح الفكاهة التي يتميز بها الرئيس بري ، الا انه كان عابقا «باللطشات»، رغم محاولات الرئاسة الثانية الظهور بمظهر المسلم بشروط اللعبة الديمقراطية، رغم ان الشيخ فتح كوة في جدار النفق الذي خلفه موقفه المستجد، واعدا بزيارة بعبدا والتسويق لطرح بري، خارجا من القصر الجمهوري بخلاصة ان لا فراغ وان قانون الستين قد يكون الداء والدواء في حال استعصاء الحل، بعد استنفاذ كل الخطوات القانونية، معتبرا بذلك ان عين التينة لن تكون خاسرة بمجرد عدم وجود الفراغ.
عليه فان عنوان المرحلة جمر تحت نار قانون الانتخابات، فاما تنفجر البراكين الغالية ،واما تكمن ثورتها،وفقا على ما يبدو لساعة اقليمية بدأت عقاربها تتسارع على وقع شد الحبال الدولي على ساحة المنطقة. فهل تعاد كرة انتخابات رئاسة الجمهورية؟