IMLebanon

الحريري ليس في وارد تغيير موقفه دعماً لعون التعطيل مجدداً في 2 آذار في مرمى المعطلين

يشارك جميع رؤساء البعثات الديبلوسية الاجنبية الذين قصدوا “بيت الوسط” للقاء الرئيس سعد الحريري، في الضغط من أجل انتخاب رئيس جديد للجمهورية في الجلسة المقبلة لمجلس النواب في 2 آذار، من خلال إعلانهم فور خروجهم عن ضرورة انتخاب رئيس وإنهاء الفراغ الذي بات يسيء بقوة الى البلد في مقابل موقف أخير للامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله لم يرد فيها على المبادرة التي اطلقها الحريري في ذكرى اغتيال والده، فيما دعا نائبه الشيخ نعيم قاسم الى فتح مجلس النواب للتشريع فقط وترك الأمور الأخرى، أي انتخاب رئيس جديد، الى وقت لاحق. هذه النقطة وحدها تفيد أن الانتخابات الرئاسية ليست على رادار الحزب، أكان بسبب انتظار انفتاح سعودي مطلوب على إيران أو بسبب انتظار انتهاء التموضع في سوريا، في ظل اشتداد التجاذب الاقليمي الدولي حول المعارك الحاصلة هناك، أو لأن الوضع الحالي في لبنان، أي غياب رئيس للجمهورية، يناسب الحزب أكثر في ظل المعادلة الحكومية القائمة. في أي حال، في المدة الفاصلة عن موعد 2 آذار، لا يتوقّع أن تخفت حماسة الحريري لاستمرار الضغط في هذا الاتجاه، في ظل مواقف غير متغيرة لاكثرية نيابية من شأنها أن تحدث فرقا كبيرا في حال لبى غالبية الافرقاء الدعوة الى المشاركة في جلسة الانتخاب. فالرئيس نبيه بري لا يزال على موقفه من دعم ترشيح النائب سليمان فرنجية، وفق ما فهم من اللقاء الذي عقد بينه وبين الرئيس الحريري، فيما يسري الامر نفسه بالنسبة الى النائب وليد جنبلاط وكتلة “المستقبل”، بمشاركة الحريري نفسه على الأرجح. وإذا التزم حضور الجلسة كل من “القوات اللبنانية”، عملا بمبدأ عدم المقاطعة، والاحزاب المسيحية الاخرى باستثناء كتلة النائب ميشال عون، وحضر المرشح سليمان فرنجية، فإن الكرة ستكون في ملعب الحزب وحليفه العوني أكثر من أي وقت مضى. ومن المهم في هذا السياق أن يحضر فرنجية، لأنه قد لا يود ان يرى ضغطا من الحريري في اتجاه انتخابه ومشاركة مباشرة منه في الجلسة، في مقابل عدم حضوره، لأن ذلك سيعطي مؤشرا سلبيا جدا. هذا المشهد وحده كفيل بتأمين غالبية مضمونة لانتخاب فرنجية، هي موجودة راهنا، ولو التزمت “القوات” دعم عون، الأمر الذي يفترض ان يوجه رسالة قوية مجددا الى رئيس “تكتل التغيير والاصلاح” مفادها أن الامور ليست في مصلحته. فالرهان على ان يغير الرئيس الحريري على الاقل موقفه من دعم فرنجية الى رئاسة الجمهورية لا يبدو في محله. واستقبال فرنجية في “بيت الوسط”، ثم احتمال توجه الحريري الى المشاركة في جلسة 2 آذار لا يسمحان بالرهان على أن الحريري قد يغير موقفه في وقت قريب أو حتى لاحقا، على رغم تأكيده أنه في حال انتخاب عون رئيسا، سيكون أول من سيهنئه. لكن سيكون من غير الواقعي الرهان على تغيير على هذا الصعيد، أقله من جهة الحريري، وفق ما أوحى بعض الرهانات اخيرا. والكرة تاليا ستكون في ملعب الحزب، إذا شاء أن يضغط في اتجاه حلفائه لتعديل مواقفهم من انتخاب عون أو من اجل ان يسحب فرنجية ترشيحه، في ظل تساؤل عن الكلفة المترتبة على ضغوط من أجل انتخاب عون. فمن جهة هناك ضغوط ستطاول حكما الرئيس نبيه بري، وتاليا النائب وليد جنبلاط بالتواتر للعلاقة التي تربطه ببري، ومن جهة أخرى ستسري الضغوط على فرنجية في مقابل عدم كسب تغيير موقف الحريري الحاسم والنهائي في عدم انتخاب عون، حتى لو انسحب فرنجية وفق ما تقول بعض المعلومات. فهل هذه الضغوط اكبر كلفة او اقل كلفة من اقناع عون نفسه بأن لا حظوظ لديه بانتخابه رئيسا؟ وهل التغطية المسيحية التي يوفرها عون للحزب لن تتأمن عبر انهاء الفراغ وعودة مؤسسات البلد الى استئناف نشاطها؟

المعلومات المتوافرة على أكثر من مستوى تفيد أن جلسة 2 آذار لن تثمر انتخابا للرئيس، لكنها من غير المستبعد أن تزيد إحراج المعطلين للرئاسة بغض النظر عن اهتمام هؤلاء المعطلين بذلك او ايلائهم اي اعتبار لانعكاساته على الرأي العام. لكن من غير المستبعد ان يثير ذلك انزعاجا كبيرا على قاعدة ان الحريري قد يكون سجل بخطوته دعم ترشيح فرنجية والحركة الناشطة التي قام بها من اجل انتخاب رئيس للجمهورية، ما لم يسجله أي فريق آخر، خصوصا أنه أظهر حرصه الكبير على إنهاء الفراغ الرئاسي لموقع مسيحي، وأقدم على مبادرة ترشيح خصم له في نهاية المطاف، ومحسوب على قوى 8 آذار، فيما يسمح له المنطق الديموقراطي بأن يفضل مرشحا على آخر، ومن المرجح ان تكون له أسبابه في المقابل فان الحزب لم يسجل انه قدم لهذه المسالة اي شيء باستثناء التمسك بدعم ترشيح العماد عون والتمترس خلفه مع رفض مناقشة هذا الموضوع لاكثر من سنة و8 اشهر. يضاف الى ذلك ان الكرة لا تزال في ملعب الافرقاء المسيحيين وفي راي البعض ان اتفاق معراب شهد انتكاسة مهمة لجهة ان اتفاق فريقين مسيحيين لم يستطع ان يغير قيد انملة في المشهد السياسي، وهذا له انعكاساته السلبية في محصلة الامور. وثمة شكوك في أن يتم صرفه في أكثر من إطار الفريقين المسيحيين المعنيين في افضل الاحوال. كما ان الصراع على الرئاسة لم يمنع في مقابل مصالحة تاريخية من جهة ان تثير انقسامات مسيحية من جهة اخرى.