لا يمكن على هامش الجولة الاولى من معركة الانتخابات البلدية المرور على هذا الاستحقاق بدون استخلاص الكثير من العبر والحقائق والملاحظات التي سيكون لها تأثيرها في الحياة السياسية والوضع اللبناني في المرحلة المقبلة خصوصاً ان الانتخابات البلدية بالموزاييك السياسي ـ السياسي والتحالفات المختلفة التي نشأت رسمت واقعاً سياسياً مختلفاً عن المرحلة التي سبقت، وهنا لا يمكن المرور على الاستحقاق بدون التوقف عند عدد من الملاحظات مختصرها ان لبنان بغض النظر عن النتائج الانتخابية حقق انجازاً مهماً بحسب مصادر متابعة في اجراء الانتخابات فيما عجز في السابق عن استحقاقات مشابهة او تم افشالها بذرائع وحجج مختلفة، وان الدولة اللبنانية قادرة على اجراء الانتخابات وان التمديد الذي حصل لاستحقاقات اخرى كمجلس النواب مثلاً كان في غير محله، والاهم من كل ذلك ان الامن في لبنان ممسوك بدليل انتخابات عرسال على مرمى حجر من داعش ورغم ان الارهاب مرابض في السلسلة الشرقية ومتسلل الى بعض الداخل اللبناني، فان اللبنانيين مارسوا حقهم في الاقتراع في الصندوق البلدي والاختياري رغم بعض الشوائب التي رافقت العملية الانتخابية والضغوط والممارسات الانتخابية في بعض المناطق.
ومع بدء التقييم الفعلي للنتائج وقبل بداية الجولة الثانية من الانتخابات، فان القوى السياسية في صدد الاستفادة من «بروفا» الجولة الاولى لتحصين ساحتها في انتخابات نهاية الاسبوع وخصوصاً الخاسرين من القوى السياسية، على اعتبار ان القوى السياسية لا تتطلع فقط الى الاستحقاق البلدي بقدر ما يهمها الانتخابات النيابية التي بات من الصعب انتفاء اسباب الغائها بعد مرور الاستحقاق البلدي «على خير» على قاعدة تعميم التجربة البلدية على الانتخابات النيابية، وهذا ما يصح على تيارالمستقبل الذي ترى المصادر، انه كان رغم فوزه الكاسح في بيروت الخاسر الاكبر بعد تراجع نسبة الاقتراع وعدم قدرة المستقبل على حمل البيارتة وحثهم على التصويت وامتناع 80 في المئة منهم عن التوجه الى الصناديق رغم كل حملة التجييش واللعب على الوتر المذهبي الذي تبين انه لم يكن عاملاً مفيداً لمصلحة المستقبل
واشارت المصادر الي ان نتائج زحلة اتت كارثية بالنسبة الى المستقبل بتدهور لائحة الكتلة الشعبية التي دعمها رئيس المستقبل مباشرة وشخصياً بزيارة الحريري الانتخابية قبل نحو شهر من الاستحقاق الى مدينة زحلة. واذا تيار المستقبل الذي كسب عملانياً مجلس بلدية بيروت لكنه فعلياً لم يربح بالتسلل الى الوجدان البيروتي وقلوب البيارتة وهو واقعياً من الخاسرين في الجولة الاولى، فان ما جرى مع المجتمع المدني كان مخيباً ايضاً خصوصاً ان لائحة «بيروت مدينتي» لم تتمكن من تحقيق اي اختراق بسبب تدني المشاركة من جهة والانتماءات السياسية والتصويت الحزبي والسياسي من جهة اخرى رغم كل العوامل التي كانت تصب لمصلحة اللائحة من تصاعد النقمة على الطبقة السياسية وروائح الفساد التي انبعثت من ملف الانترنت والنفايات التي اغرقت شوارع العاصمة لشهور.
كما ان تراجع التصويت تضيف المصادر مرده الى ادراك البيروتيين عدم قدرتهم على التغيير استناداً الى التجارب الماضية ولما كان يمكن استدراكه مسبقاً من تسلط وسطوة الاحزاب اتنخابياً، مما انعكس توتيراً في المزاج الانتخابي وبدا ان «كل واحد فاتح على حسابه» من نواب بيروت وفعالياتها عدا الخلافات والتجاذبات التي حصلت في الشارع العوني نتيجة الانشقاق الانتخابي بين ماكينة النائب نقولا صحناوي وهيئة بيروت في التيار.
واذا كان العنوان العريض كما تقول المصادر للمشهد البلدي رقم _1_ فرز الخاسرين في الاصوات على الشكل الآتي: الكتلة الشعبية والوزير نقولا فتوش في زحلة وابو طاقية وابو عجينة في عرسال، والمجتمع المدني في بيروت مقابل الرابحين في الاحزاب المسيحية واتفاق التيار الوطني الحر والقوات الذي غير موازين القوى وبدل المشهد في بيروت وزحلة، فان انتخابات زحلة شكلت الاختبار الاول للتحالف بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية عبر اكتساح تحالفها للمقاعد البلدية خصوصاً في الاقلام المسيحية وفي ذلك كما تقول المصادر اشارة ايجابية لما يمكن ان يشكله توافقهما في الانتخابات النيابية بتكرار تجربة البلديات ربما، كما يشجع هذا الانتصار القوى المسيحية على المضي في قانون الانتخابات اذ لم يعد من اعذار لعدم اجراء الانتخابات النيابية بحجج امنية او غيرها لتمرير التمديد.