Site icon IMLebanon

مبادرة الحريري ـ فرنجيّة «لبنانيّة صرفة»

مبادرة الحريري ـ فرنجيّة «لبنانيّة صرفة»

فرنسا تنتظر روحاني لـ«تكرار» طرح الملف اللبناني

قد تكون فرنسا الدّولة الوحيدة التي تبادر الى طرح «القضية اللبنانية» على «موائد» القوى الإقليمية والدولية، بدءاً من إيران الى السعودية وصولاً إلى الولايات المتّحدة الأميركية.

في خضمّ الصراعات الإقليمية المحتدمة من سوريا الى العراق واليمن وليبيا، ووسط تصاعد المواجهة السعودية ـ الإيرانية، ليس للبنان أيّ موقع وازن.

لبنان، بحسب أوساط فرنسية عليمة، «ليس بنداً موجوداً على أجندة الدول الإقليمية ولا الغربية، إلا لجهة إبقائه جبهة هادئة وغير متفجرة، لأن هذه الدول لا تحتاج الى مشاكل جديدة».

المناخ السياسي اللبناني يميّزه الركود التام، باستثناء خطابات السيد حسن نصر الله التي قال في أحدها إن الرزمة المتكاملة ضرورية لأي حلّ في لبنان، ثمّ ردّ النائب سعد الحريري بمبادرته حول طرح اسم النائب سليمان فرنجية للرئاسة الأولى.

نظرت فرنسا بأهمية لمبادرة الحريري ـ فرنجية لجهة أنّها «عمليّة لبنانيّة صرفة».

أحدث حوار الحريري ـ فرنجية فائدة، من وجهة نظر الفرنسيين، لأنه مثّل «حواراً بين شخصيتين من فريقي 8 و14 آذار». وإذا كانت فرنسا تبارك أي حوار من هذا النّوع، إلا أنها لا تتدخّل في تفاصيله. ليس واضحاً لدى الفرنسيين بعد مدى تأثير الخلاف السعودي ـ الإيراني المستجدّ على نقاش الحريري ـ فرنجية، لكنّ باريس مصرّة على إثارة الملفّ اللبناني في كلّ المحافل الدولية وعلى أعلى المستويات، وسيكون لبنان حاضراً أثناء زيارة الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني الى باريس والمتوقعة نهاية الشهر الجاري.

وتؤكد أوساط فرنسيّة عليمة لـ «السفير» أنّ «الخطاب الإيراني يجهر لغاية اليوم بأن طهران لا تتدخّل في الشأن اللبناني»، وتشير الأوساط إلى أن «لا قابلية سعودية للتدخل أيضاً، ولم يبق أمام الفرنسيين إلا تكرار طرح ملف لبنان مع هذين الطرفين وسواهما، من دون التوصل الى إثارة اهتمامهم لغاية اليوم».

وتتساءل الأوساط الفرنسية المتابعة للملف اللبناني: «ما هي الشروط الرئيسيّة للاتفاق على رئيس للجمهوريّة؟ فالرئيس سعد الحريري والنائب سليمان فرنجية تحدّثا عن رزمة أساسية هي قانون الانتخابات النيابية وتشكيل الحكومة».

اهتمام فرنسا بلبنان لم يتضاءل، ولا تزال زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الى بيروت قائمة وستتم «حين تكون الظروف متوافرة وإذا كانت مفيدة».

أما الهبة السعودية (3 مليارات دولار) للجيش اللبناني فهي موجودة، والسعوديون دفعوا كل ما يتوجب عليهم حتى اليوم، وثمة دفعات مستقبلية من الأسلحة والتجهيزات ستصل في الأشهر المقبلة. ويحرص الفرنسيون على التذكير بأن الهبة هي ضمن برنامج قائم على مدى خمسة أعوام.

عل خط الملف السوري، لا يزال القرار الرقم 2254 الصادر عن مجلس الأمن الدولي رهن الميدان السوري المرتبط أيضاً بعامل جديد يتمثل بالأزمة المتصاعدة بين السعوديين والإيرانيين على خلفية إعدام السعودية الشيخ نمر النّمر، ثم قيام متظاهرين إيرانيين بإحراق السفارة السعودية في طهران، ما دفع الرياض الى قطع العلاقات الديبلوماسية مع طهران وتأليبها الدول الإقليمية ضدّها.

بالنسبة الى الخلاف السعودي الإيراني، ترى الأوساط الفرنسية العليمة أنه ربّما يجب خلق إطار دولي جديد للحوار حول شؤون المنطقة، إذ لا إطار حالياً ولا توجد أيضاً أجندة إيجابيّة تقارب شؤون المنطقة وتحاول إيجاد حلول، وبالتالي ينبغي بناء إطار جديد، وبناء عملية سياسية للدول في المنطقة. العقدة الأساسية اليوم هي سوريا، وقد بدأ حوار دوليّ حولها منذ قرابة الثلاثة أعوام ونصف العام حول عناصر موجودة في بيان اجتماع جنيف ـ 1 ولكنه لم يستكمل، وقد تضمن تفاصيل عن الحل السياسي والحكومة الانتقالية.

لكن نتيجة الحرب على الأرض ليست محسومة بعد وميزان القوى غير واضح المعالم، وما من أحد يمكنه التكهّن ببقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم أو مغادرته قبل انتهاء المفاوضات المرتبطة عملياً بتطوّرات الميدان السوري. وعملياً فإن الحلّ السياسي في سوريا لا يزال مرتبطاً بالميدان.

لعلّ أهمية قرار مجلس الأمن، بحسب الفرنسيين، تكمن في تشديده على ثلاث نقاط رئيسيّة: إيجاد حلّ سياسي ووقف إطلاق النّار ومحاربة الإرهاب. وسيبقى الحلّ مرتكزاً على هذه النقاط. وهنا يعطي الفرنسيون أهمية قصوى لمؤتمر المعارضة السورية الذي استضافته السعودية في الرياض والذي جمع لأول مرة حركات المعارضة. وبنظر الفرنسيين، هي المرة الأولى التي يؤدي فيها السعوديون دوراً واضحاً في الحلّ السياسي عبر إشراك المعارضة في العمليّة السياسية.

لكن هل توازي قوة الحلّ السياسي القوى العسكريّة المتناحرة ميدانياً؟

تشير الأوساط الفرنسية العليمة الى أن في سوريا وضعاً عسكرياً معقّداً، إنها حرب بين موازين قوى، بعضها يصبّ في مصلحة الرئيس السوري بشار الأسد لأنه لا يزال موجوداً في الحكم، لكنه بالرغم من ذلك في وضع يرثى له. وهنالك اليوم استثمار روسي عسكري واضح، هذا الاستثمار العسكري يجعل الروسي ملزماً بأن يتوصل الى نتائج سياسيّة. وبالتالي ثمّة دفع من أجل التوصّل الى حلّ سياسي، وهو بات أشدّ تعقيداً اليوم بعد مرور خمسة أعوام على اندلاع الحرب السورية لأن الظروف أصبحت أكثر تعقيداً، غير أن شروط الحلّ لا تزال على حالها.

لم تر فرنسا أن بشار الأسد كانت لديه خيارات سياسية منذ بداية «الانتفاضة السورية»، ولو كانت لديه خيارات سياسية حين عمد إلى قمع التظاهرات السّلمية وإذا كانت خياراته السياسية معدومة عام 2011، فكيف ستكون لديه خيارات مماثلة بعد مرور خمسة أعوام من الحرب؟