عادت «الدماء» الى شرايين تيار المستقبل، ودبّت الحياة في منسقيتي البقاعين الغربي والاوسط، بعدما دخلتا في الاشهر السابقة في ما يشبه الموت السريري. ومع وصول حصّة مؤسسات التيار ومنسقياته في البقاع من الدعم المالي، شهدت مراكزه التي كادت تقفر سابقاً، في الأيام القليلة الماضية، توافد المؤيدين والانصار والمحازبين. وبوشر دفع رواتب شهرين لكل موظف من أصل ثمانية أشهر متأخرة «حرصاً على صيانة حقوق الجميع»، بحسب مصدر في التيار.
رغم ذلك، يستبعد متابعون للشأن المستقبلي في البقاع عودة الأمور الى ما كانت عليه في الاعوام السابقة. فالأزمة المالية المديدة التي ضربت التيار، جاءت معطوفة على اخفاقات سياسية، وتسويات دخلها المستقبل بسقوف أدنى بكثير مما كان يعلنه. وهذا أدى الى تراجع مؤيديه في الوسط السني البقاعي، والى ترهل في قاعدته الشعبية، والى غرف التيارات الاسلامية من «صحنه الشعبي»، كما زاد من قوة منافسه الاساسي الوزير السابق عبد الرحيم مراد، واتساع دائرة التأييد الشعبي له، وخصوصاً في البقاع الغربي.
ويوضح قيادي مستقبلي سابق في البقاع الغربي أن «مراد قطع أشواطاً غير بسيطة في جذب الشارع السني إليه»، من خلال مشاريع انمائية وخدماتية شملت كل القرى في الغربي وراشيا، «لأنه خاطب الشارع بدعوته الى الحوار داخل البيت السني. وهذه الدعوة باتت تلقى تأييداً في الصالونات المستقبلية وتساؤلات عن سبب رفض الحوار مع القيادات السنية المحسوبة على قوى 8 آذار في وقت بتنا نطرح فيه مرشحاً للرئاسة من هذا الفريق»! أضف الى ذلك أن مراد «يتميّز بالحركة الدائمة، لا بحركة واحدة مرة كل اربع سنوات».
المشكلة لا تنحصر في شح الاموال بل في ابتعاد النواب عن القواعد الشعبية
وشدّد القيادي على أن المشكلة «ليست في شح الاموال، ولا تحلّ برواتب شهر أو شهرين، كما يحاولون أن يوهموا القيادة في قريطم، وإنما هي في غياب نوابنا عن القواعد الشعبية»، إذ إن أياً من النواب المستقبليين أو المحسوبين على التيار «لم يأت بمحازب أو مؤيد، بل على العكس تسبّبوا في خروج كثيرين من التيار». ويوضح القيادي السابق الذي استُبعد عن المسؤولية لانتقاده أداء النائب جمال الجراح: «لأننا ننتقد اداءهم، يجنّدون كل إمكاناتهم لتهميشنا، وهذا ما أضعفنا كقيادات وأربك قيادة منسقية البقاع الغربي، ما انعكس تراجعاً في القاعدة الشعبية». والى ذلك، ساهمت الخلافات بين النواب أنفسهم في إضعاف التيار، كما هي الحال بين النائبين الجراح وزياد القادري «اللذين يشدّ كل منهما لحاف التيار نحوه، والنتيجة: مصادرة قرار القيادة في الغربي وتعطيل حركتها، علماً أن المشكلة في البقاع الغربي لا تنسحب على منسقية التيار في البقاع الاوسط التي تفصل بين النائب والمنسقية».
وفي الاطار نفسه، لفت قيادي مستقبلي «محسوب على القيادة المركزية» الى أن الجراح، بعد مبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيح النائب سليمان فرنجية الى رئاسة الجمهورية، «وما تعنيه من أن الانتخابات على الابواب»، طلب من منسقية البقاع الغربي تقارير عن وضع التيار في القرى، وانعكاس مبادرة الحريري على محازبي القوات اللبنانية، وعن المشاريع التي ينفذها مراد في المنطقة. وينقل المصدر «أن الجراح أقرّ أمام زائريه بقوة مراد وامكانية خرقه في الانتخابات ما لم تصل الاموال قبل اقرار المبادرة». وما يزيد طين ابتعاد جمهور المستقبل عنه بلةً، سقوط مبادرة الحريري على قاعدته الشعبية كـ «الصاعقة»، فـ «نحن لسنا قطيع غنم، وكان الأجدر أن تناقش قبل اتخاذ القرار، وخصوصاً مع حلفائنا القوات والكتائب»، بحسب أحد القياديين المستائين.