IMLebanon

«نكايات» الحريري ـ جعجع مستمرة

لم تتضّح لغاية اليوم حقيقة الاسباب التي دفعت بالرئيس سعد الحريري الى ترشيح النائب سليمان فرنجية للرئاسة، والامر عينه ينطبق على دعم رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع للعماد ميشال عون، اذ حتى نواب الفريقين ومناصريهم لم يفهموا بعد اسباب هذا الانقلاب الايجابي من قبل حليفين على خصميهما. وعلى الرغم من ذكر الحريري وجعجع لها، إلا انها لغاية اليوم لم تقنع احداً، اذ فجأة وبسحر ساحر نزل الوحي السياسي على الحليفين، في ظل مرور تسعة عشر شهراً من الفراغ الرئاسي، و35 جلسة انتخاب فاشلة بسبب لعبة النصاب القانوني.

وما يجري اليوم من ترشيح الحليفين للخصمين لن يؤدي بالتأكيد الى انتخاب رئيس، بحسب ما ترى مصادر سياسية مراقبة لما يجري على الساحة الرئاسية، لان عنوان هذه المحاولات ليس سوى نكايات سياسية، تأكدت حقيقتها امام الجميع خلال إحتفال «البيال»، بحيث بدا خطاب الحريري الموّجه لجعجع بمثابة الولدنة بحسب وصف القواتييّن الغاضبين على مواقع التواصل الاجتماعي، فإذ به يسارع في اليوم التالي بناء على طلب السفير السعودي في لبنان، لزيارة معراب والوقوف على خاطر رئيس القوات، الذي بدوره سارع للردّ على الاسئلة الموّجهة الى حليف الامس، لعدم إحراجه بأن زيارته هدفها الاول الاعتذار. فيما الحريري عاد بعد يومين ليُحدّد اساليب نكايات جديدة، حين زاره فرنجية في بيت الوسط، فخُيّل له بأنه يستقبل فرنجية الرئيس، بحيث انتظره امام مدخل المنزل، متخلياً عن البروتوكول، ثم تابع «البروفا» فصافحه امام عدسات الكاميرا للمرة الثانية، وكأنه امام باب قصر الاليزيه الرئاسي، فإعتقد المشاهدون للحظات بأن الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يستقبل نظيره ويوزّع له الابتسامات.

وعلى الخط الاخر رأت المصادر المذكورة، بأن دعم جعجع لعون اتى رداً على الحريري، خصوصاً بعد توصّل الزعيمين لتوافق وتوقيع ورقة النيّات، وذكّرت بأنه لم يكن سابقاً في وارد جعجع التنازل لعون عن ترشيحه للرئاسة، وهو سئل في هذا الاطار مرات عدة، وكان جوابه معروفاً، ولاحقاً إختلف الوضع بحيث بدأ الجواب يتغيّر تدريجياً، حين اعلن أنه فى حال الإختيار بين فرنجية وعون فسوف يختار الاخير للرئاسة، بعدها كشف رئيس القوات خلال لقاء مع الكوادر الأسباب التى دفعته لتبنّي ترشيح عون لرئاسة الجمهورية، فأعلن ان الظروف السياسية التى نمّر بها، اوصلت ملف الرئاسة الى مبادرة طرحها الرئيس الحريرى وتم التسويق لها، وتقوم على عودة الاخير الى رئاسة الحكومة مقابل إيصال رئيس تيار «المردة» الى قصر بعبدا، وحينها إعتبر جعجع بأنه في حال نجاح تسوية الحريري- فرنجية، سيتم اعادة إحياء المحور السوري- الإيرانى فى لبنان، لان فرنجية هو رأس حربة لهذا المحور، واشار حينها الى ان الحريري اطلق هذه المبادرة من دون استشارة القيادات المسيحية فى 14 آذار، واصفاً ذلك بالصفعة القوية التي وجهّها الحريري للقوات اللبنانية، والتي لا يمكن السكوت عنها، وبعدها توّجه جعجع بالقول بأنه آن الاوان للبننة الاستحقاق الرئاسي، واعادة الاعتبار للدور المسيحي الغير مرتبط بأجندات خارجية.

واعتبرت المصادر عينها بأن تسوية الحريري- فرنجية هدفها الابقاء على قانون الستين، فيما تسوية عون – جعجع ستعمل على إفشال هذا القانون الذي يضرب التمثيل المسيحي، إضافة الى تكريس معادلة جديدة تقوم على اختيار المسيحيين لممثلهم في رئاسة الجمهورية بعدما كان الامر حكراً على غير المسيحيين، وهما بذلك وجهّا رسالة الى الجميع بأن طريق الرئاسة يجب ان يمّر بالقيادات المسيحية اولاً، ورأت بأن جعجع اختار الخيار الاقل ضرراً له، اذ يعتبر بأن فرنجية متداخل اكثر بكثير من عون في الخط السوري، من ناحية تاريخ العلاقة بين العائلتين والصداقة الشخصية التي تربطه بالرئيس السوري، فضلاً عن ان علاقة المردة بالقوات لم تكن في أي مرة ايجابية لان تاريخها حافل بالخلافات التي يصعب حلّها.

وختمت بالتمني لو ان قيادات 14 آذار تعود الى صوابها وتختار مرشحاً من بيئتها، والامر عينه ينطبق على قوى 8 آذار، فتأخذ اللعبة الديموقراطية طريقاً لها ، ويصل من يحظى بالاصوات كما يحصل في دول العالم المتحّضر.