على الرغم من فتح باب الرسائل المتبادلة بين رئيس تيار المستقبل سعد الحريري ورئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع، إلا ان المطلّعين على العلاقة المتأزمة بينهما، يؤكدون انه بات من الصعب جداً إستعادة مشهد الوحدة بينهما، لان الشعارات التي جمعتهما تكاد تصبح في خبر كان، لان العلاقة محتاجة الى إعادة ترميم كبيرة بين الرجلين، بعد مرورها بمطبّات عدة لم يسلم منها احد. وما زاد في الطين بلّة تلك الهجومات على مواقع التواصل الاجتماعي بين انصار الطرفين، والتي لم تهمد إلا بطلب من الحريري وجعجع، في حين انها وصلت الى معقل الرياضة بين فريقيّ الحكمة والرياضي، وما سمعناه خلال المباراة الاخيرة من شتائم متبادلة تؤكد ذلك.
الى ذلك يرى المطلّعون أن «اللطشات» السياسية المتبادلة لا تزال سيّدة الساحة بين بيت الوسط ومعراب، ويتضمنها بين الحين والاخر بعض «التبخير» من قبلهما لمرشحيهما الى الرئاسة العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، وهذا الدعم كان اساس الفراق بينهما، وبالتالي قضى على ما تبقى من ذكرى 14 آذار وثورتها، بدل ان يكون مرشحهما واحداً للقضاء على الشرخ المستشري ضمن الثورة الآذارية، التي وعدت في العام 2005 بقلب الوضع رأساً على عقب، في اتجاه مصلحة لبنان واللبنانيين، فيما النتيجة جاءت معاكسة فأحدثت تصدّعاً لم نشهد مثيلاً له ضمن الفريق المذكور.
ويشير هؤلاء الى ان الحريري ومنذ عودته الى لبنان دخل بمشهد وخرج بآخر، لانه لم يقدّم جديداً في أي مجال، لان المفاجآت السياسية كشفت المستور، وخصوصاً في صناديق الاقتراع البلدي، وبالتالي فالآتي اعظم في صناديق الاقتراع النيابي.
وعلى خط العلاقة الحريرية – القواتية، لفت المطلّعون الى ان شعرة معاوية بين «المستقبل والقوات اللبنانية» انقطعت نهائياً، وتحديداً منذ مهرجان» البيال»، لان جعجع لا يتقبّل الطعن في الظهر ولا يسكت على أي إهانة، لذا قام بالتقارب اكثر فأكثر مع عون، وهي الخطوة التي تؤلم الحريري، فرّد بالتشديد على دعم فرنجية الى ابعد الحدود، وإنقلب 24 درجة بين ليلة وضحاها، في ظل كلام منمّق لا يزال يُسمع من نواب ومسؤولي الفريقين بأن «لا خلاف بين الحريري وجعجع، بل تباين في وجهات النظر فقط». لكن المعلومات تؤكد عكس ذلك، اذ ان هوة الخلاف الى إتساع وتفاقم، وبالتالي فالاتصالات التي جرت بين الزعيمين لم تؤد في اي مرة الى حصول توافق سياسي، لان الجرّة السياسية على ما يبدو إنكسرت بينهما، ولم تعد الوساطات تؤثر او تنفع، لان الاستراتيجية السابقة خفّ وهجها كثيراً لا بل تخلخلت، خصوصاً بعد طلب الحريري من جعجع قبل فترة سحب ترشيحه لعون ودعم فرنجية للرئاسة، مع تجديده وتمسّكه بترشيح الاخير، وقابله في ذلك موقف مماثل من جعجع، أي ان النكايات السياسية قضت على أي استراتيجية بينهما، او بالاحرى انتهى أي امل بإعادة التحالف.
وعن الرسائل المتبادلة عبر بعض المسؤولين في الطرفين، ومنهم مسؤول جهاز الإعلام في القوات اللبنانية ملحم رياشي، الذي زار بيت الوسط حاملاً رسالة من جعجع، افاد المطلعون بأن الرسائل المتبادلة لم تؤد الى اي خرق ايجابي، لان الزعيمين لا يزالان على موقفهما في الدعم الرئاسي لخصومهما السابقين، الامر الذي لن يوصل الى اي نتيجة .
في غضون ذلك ترى مصادر نيابية في تيار المستقبل، أن العلاقة ستعود من جديد انما تدريجياً، لان المشكلة الاساسية لا تزال عالقة، فيما ابواب الرئاسة فتحت على وصول مرشح توافقي، الامر الذي سينعكس إيجاباً على علاقة الحريري بجعجع ، وبالتالي ستعود المياه الى مجاريها.
وابدت هذه المصادر تفاؤلها بإمكانية ان تتقارب النفوس، خلال الافطار المرتقب الذي سيقيمه الرئيس الحريري لكل قوى 14 اذار من دون اي إستثناء، بهدف إعادة الشمل واللحمة والعلاقات بين اطرافها كافة، بما يتناسب والمستجدات على الساحة السياسية، نافية حصول قطيعة نهائية كما يشيّع البعض، وإن مرت العلاقة بطلعات ونزلات، لان السياسة في لبنان تتقلّب بشكل لا يفهمه احد…