IMLebanon

الحريري «بقَّ» البحصة الكبرى وباسيل يفتش عن كوّة

 

لم يسبق للرئيس سعد الحريري منذ التسوية الرئاسية أن بقّ ما في داخله كما فعل امس. إنها المرة الاولى التي يقول فيها الحريري ما لم يقله قبل تأليف الحكومة السابقة واثناء حرب الجرود، وبعد استقدام قادة ميليشيات عراقيين الى الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية وغيرها وغيرها من التجاوزات التي تحمّلها الحريري بصمت حفاظاً على التسوية الرئاسية، بحيث دفع أثماناً كبيرة من كيسه السياسي، من دون أن يلقى من الطرف الآخر أيّ ملاقاة الى النقطة الوسط.

 

بقَّ الحريري أمس بحصة كبيرة، إذ اتّهم من موقع العارف «حزب الله» بتعطيل تأليف الحكومة، وتجاوز التحليلات الداخلية التي تربط هذا التعطيل بتوزير سنة 8 آذار، الى ربط التعطيل بما وراء الحدود، وهذا لم يكن ليحصل لولا خروج السيد حسن نصرالله عن المألوف، ومحاولة فرض إملاءات على الرئيس المكلف، ردّ عليها الاخير في مؤتمر صحافي، رفع درجة المواجهة الى أعلى مستوى منذ سنوات عدة.

 

وتكشف معلومات لـ«الجمهورية» أنّ الحريري ما كان ليبقّ البحصة لو لم يتأكد بالدليل أنّ «حزب الله» لا يريد حكومة في لبنان، ولو لم يتأكد انه حتى لو تساهل في موضوع توزير سنة 8 آذار، فسيجد الحزب عقدة أُخرى في الحقائب أو غيرها، لتعطيل تأليف الحكومة.

 

وتضيف هذه المعلومات أنّ قراءة الحريري والرئيس ميشال عون في هذا الموضوع واحدة، وهذا كان سبب كلام عون الواضح في مقابلته التلفزيونية عن عدم جواز توزير نواب لا يشكّلون كتلة برلمانية.

 

وتقول المعلومات إنّ «حزب الله» الذي استاء من كلام عون أفهم الوزير جبران باسيل رسالة واضحة بأنه لا مناص من توزير سنة الحزب، كذلك أودعه رسائل واضحة عمل باسيل بنتيجتها على تلطيف موقف عون الى حدّ إعلان موقف مغاير، والى حدّ اطلاق مجموعة من نواب «التيارالوطني الحر» مواقف وسطية في الازمة بين «حزب الله» والحريري.

 

وتضيف المعلومات أنّ الجميع بات يعرف أن لا حكومة في لبنان في المدى المنظور، وأنّ سبب الكلام العالي السقف للأمين العام لـ«حزب الله» يعود الى موقف إيراني يريد إفهام الجميع في الداخل والخارج أنّ تأليف الحكومة في لبنان هو قرار إيراني، خصوصاً بعدما بدا انّ اللقاء الذي جمع عون بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون قد ساهم في ولادة الحكومة، وهذا ما نظرت اليه الدوائر الإيرانية بارتياب، واستُتبِعَ بتصلّب «حزب الله» المفاجئ في التمسّك بتوزير النواب السنة.

 

وتشير المعلومات الى أنّ دور الوسيط الذي ارتضاه عون بعد كلام نصرالله، وتكليف الوزير جبران باسيل الوساطة، لن يكون أكثر من رحلة موقتة، إذ إنّ موانع تأليف الحكومة باتت خارج الحدود، ولم تعد مرتبطة بعقدة سنية أو غير سنية، وتشير المعلومات الى أنّ باسيل يشيع أنه تمكّن من فتح كوّة في جدار الأزمة من خلال طرح اسم ربما يكون مقبولاً لدى الجميع (من حصة الحريري) ويتحدّث أصحاب هذا الطرح عن شخصية بقاعية يمكن أن ترضي «حزب الله» والحريري، لكنّ كل ذلك سيكون وفق المعلومات في خانة التكهّنات، في اعتبار أنّ الحريري سيرفض أن يدفع ثمن الحلّ من حصته، فيما يتمسّك عون بأن يكون الوزير السنّي من حصته محسوباً عليه كلياً، وربما يكون هذا الوزير من حملة بطاقات الانتساب الى «التيار الوطني الحر».

 

وأمام هذا الاستعصاء، تشير المعلومات المتقاطعة من أكثر من جهة الى أنّ تأليف الحكومة بات في علم الغيب، وأنّ الوضع سيبقى على حاله إلّا إذا قرّر الحريري الانتقال من حالة نصف الاعتذار عن التكليف الى الاعتذار الكامل، عندها تكون التسوية الرئاسية قد انتهت، ويكون لبنان قد دخل في مرحلة شديدة الخطورة.